“سد النهضة”.. هل ألقت مصر بآخر أوراقها الدبلوماسية قبل اللجوء للح

“سد النهضة”.. هل ألقت مصر بآخر أوراقها الدبلوماسية قبل اللجوء للح

[ad_1]

وجَّهت رسالة لمجلس الأمن حملت اعتراضًا على النوايا الإثيوبية تجاه النيل

ما زالت قضية سد النهضة آخذة في التفاعل، ومنذرة بحرب حامية الوطيس في منطقة القرن الإفريقي، وسط محاولات دبلوماسية ومفاوضات ودية مصرية سودانية تراوح مكانها؛ لإقناع إثيوبيا بتأجيل الملء الثاني لسد النهضة، والعودة لطاولة المفاوضات؛ للوصول لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد، يُرضي جميع الأطراف، ولا يضر بمصالح دولتَي المصب.

كانت آخر تلك الأوراق السياسية والدبلوماسية قد ألقتها مصر في خطاب رسمي لمجلس الأمن، وجهه سامح شكري، وزير الخارجية المصري، معربًا فيه عن اعتراض بلاده على ملء السد خلال موسم الفيضان المقبل، ورفضها التام للنهج الإثيوبي القائم على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتَي المصب، مصر والسودان، من خلال إجراءات وخطوات أحادية، تعد مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، بحسب ما حمل مضمون الرسالة.

وتأتي الرسالة المصرية الموجَّهة لمجلس الأمن قبل نحو أسبوعَيْن فقط من بدء إثيوبيا عملية الملء الثاني للسد؛ إذ أكدت أديس أبابا مرارًا أنها تنوي إجراء الملء الثاني لسد النهضة، الذي يقدر بـ13.5 مليار متر مكعب، في موعده المقرر في يوليو المقبل؛ وهو الأمر الذي يطرح تساؤلاً مفاده: هل ألقت مصر بآخر أوراقها الدبلوماسية قبل اللجوء للحلول العسكرية؟ أم لا يزال هناك خطوات ودية أخرى ممكنة في تلك الفترة القصيرة؟

تعنُّت إثيوبي

يقول محمد ربيع الديهي، الباحث في العلاقات الدولية، لـ”سبق” في تعليقه على الخطاب الذي وجهته مصر لمجلس الأمن بشأن سد النهضة: “من الطبيعي أن تسلك مصر كل الطرق الدبلوماسية والقانونية في حل أزمة سد النهضة؛ فالسياسة الخارجية المصرية جزءٌ من عقيدتها الحلول السلمية والتفاوضية من أجل حل الأزمات الدولية”. مضيفًا: “جاءت خطوة لجوء مصر لمجلس الأمن بعد تعنت الطرف الإثيوبي، وعدم جدية إثيوبيا في الوصول إلى حل بشأن المفاوضات”.

ويفسر “الديهي” لجوء القاهرة لمجلس الأمن في إطار احترام الدولة المصرية لسيادة القانون الدولي، وحث مصر المجتمع الدولي على تحمُّل مسؤوليته إزاء ما تراه تعنتًا إثيوبيًّا قد يهدد الأمن والسلم الدوليَّيْن في المنطقة والعالم بأسره، على حد قوله.

الخيارات المصرية

ويرى الباحث في العلاقات الدولية أن القاهرة لا يزال لديها الكثير من الحلول الدبلوماسية والسياسية، منها الوساطات الدولية، أو اللجوء للمحكمة الدولية للفصل في النزاع. كما يرى أن مصر لديها أيضًا القدرة على تشكيل وتكوين ضغوط دولية على الجانب الإثيوبي من أجل التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

ويرجع “الديهي” التعنت الإثيوبي -كما تراه القاهرة والخرطوم- إلى محاولة النظام الإثيوبي خلق العداءات لتوحيد الداخل، مشيرًا إلى أن ورقة السد هي الأخيرة في يد حكومة أديس أبابا لتوحيد الصف الداخلي في مواجهة الأزمات التي تعصف بها، منها الخلافات العرقية والإثنية.

ويوضح ذلك بقوله: “هناك طموح للحكومة الحالية في أديس أبابا للاستمرار في الحكم؛ وهو الأمر الذي يجعلها تستمر في العناد مع القاهرة لإطالة أمد الأزمة، وإقناع الإثيوبيين بأنها الحكومة الوحيدة التي لديها الحل مع القاهرة، إضافة إلى رغبة العديد من القيادات الإثيوبية في الظهور بمظهر المنتصر والقوي من خلال إطالة أمد التفاوض مع مصر؛ لإرسال رسائل للداخل الإثيوبي بأنهم الأصلح للحكم”.

ويشاطر محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، “الديهي” الرأي في حديثه إلى “سبق”، ويقول: “الممارسات الإثيوبية دوافعها داخلية؛ فأديس أبابا عدوة للجميع، وليست صديقة إلا لإريتريا فقط؛ فلديها خلافات مع الولايات المتحدة، وكندا، والاتحاد الأوروبي بسبب قمع إثنية التيجراي والأورومو والأقليات الأخرى، كما لديها خلافات مع دولتَي الجوار مصر والسودان، ولديها خلاف يتعاظم مع دول الصومال، كينيا وأوغندا”.

ويضيف: “هناك تخوف كذلك من جيبوتي من التحالف الإثيوبي الإريتري الأخير، الذي يتمثل في قمع التيجراي الذين حكموا البلاد لمدة 25 سنة، ونسجوا خلالها علاقات قوية مع دول الجوار. فقد استدعت أديس أبابا الخلاف مع الجميع؛ ما جعل الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مسؤولين إثيوبيين”.

ويتابع قائلاً: “كل الخيارات ما زالت على الطاولة. والملء الثاني ليس نهاية المطاف، خاصة أن هناك تقارير حقيقية تتحدث عن أن الملء لن يزيد على 5 مليارات متر مكعب؛ ليصل المجموع من 9 إلى 10 مليارات خلف السد. وكل هذه الأمور تؤكد أن إثيوبيا تتحرك بهدف إيذاء مصر والسودان، وأن السد بُني بهدف الكيد السياسي، وأن الممارسات الأحادية تنطوي على سوء النية والضغط وإضعاف الدور المركزي المصري في إفريقيا”، على حد تعبيره.

الخيار العسكري؟

وعلى الرغم من الحلول الدبلوماسية والسياسية التي لدى مصر، وأشار إليها الخبيران، إلا أنها تتضاءل مع مرور الوقت، واقتراب موعد بدء الملء الثاني للسد. وفي حين أن مصر لم تشر بصورة مباشرة للجوء للحل العسكري إلا أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعا خلال مشاركته في القمة الإفريقية الأخيرة في باريس إلى ضرورة حل هذه الأزمة وإلا انعكس الأمر بصورة خطيرة على أمن واستقرار المنطقة كاملة؛ وهو ما اعتبره المحللون تحذيرًا واضحًا لإثيوبيا وللأطراف الإفريقية التي تدير المفاوضات الثلاثية.

ويأتي تصريح الرئيس المصري مكملاً لتصريحه السابق في مارس الماضي حينما أكد أن مياه مصر خط أحمر، وأي مساس بها سيؤثر على استقرار المنطقة كلها. وعاد وأكد ذلك بقوله إن كل “الخيارات مفتوحة”. ودلل على استعداد القاهرة لتلك الخيارات بإجراء القوات المصرية والسودانية مناورات مشتركة على الأراضي السودانية في نهاية الشهر الماضي تحت اسم مناورات “حماة النيل”، في إشارة واضحة إلى إثيوبيا، وتهديد صريح بأن نهر النيل لديه من يحميه.

ويمكن الإشارة هنا إلى ما طرحه إسلام زعبل، الباحث في الشؤون السياسية، في دراسته المعنونة “خيارات مصر العسكرية تجاه سد النهضة: دراسة معلوماتية للمعوقات وفرص النجاح”، من خيارات مصر العسكرية إزاء أزمة سد النهضة.

ويلفت “زعبل” في دراسته المشار إليها سابقًا إلى التفوق الواضح والصريح للقوات المسلحة المصرية على الجيش الإثيوبي؛ إذ تتمتع مصر بمزايا نسبية في كل من “القوات البرية والجوية”، كما يطرح الباحث؛ إذ تحتل القوات المسلحة المصرية المرتبة الـ13 على العالم، في المقابل قوات الدفاع الوطني الإثيوبية في المرتبة الـ60؛ ما يؤكد أن حجم قوة الجيش المصري يبلغ أكثر من 2.5 ضعف حجم الجيش الإثيوبي؛ إذ يبلغ عدد أفراد الخدمة الفعلية 450 ألفًا بالجيش المصري مقابل 162 ألفًا بالجيش الإثيوبي.

ويستقي “زعبل” أرقامه من موقع “جلوبال فايرباور” العالمي المختص بالشؤون العسكرية.

ويضيف وفقا لتلك الأرقام بأن مصر تمتلك 480000 عسكري وضابط بقوات الاحتياطي، في حين أن الجيش الإثيوبي لا يمتلك قوات احتياط، كما تمتلك القوات المسلحة المصرية 15998 دبابة قتالية وعربة مصفحة، أي 31 ضعف ما يمتلكه الجيش الإثيوبي من دبابات وعربات مصفحة، الذي يمتلك 514 فقط.

ويخلص “زعبل” في دراسته إلى أنه ليس أمام مصر إلا خيار واحد للقيام بعمل عسكري موجَّه ضد السد الإثيوبي، هو “الضربة الجوية”، سواء من قاعدة برنيس العسكرية الواقعة علي البحر الأحمر، أو استخدام القواعد السودانية لتنفيذ هذه الضربة، وهو السيناريو الأنسب لمصر، على حد تعبيره.

ولم يستبعد أنس القصاص، الباحث والمحاضر في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية والسياسات الدفاعية، الخيار العسكري من بين الخيارات المصرية للتعامل مع الأزمة، لافتًا بقوله إن “ذهاب مصر إلى الخيار العسكري سيكون فقط في حالة الضرورة، ولمنع كارثة أكبر تتمثل في تعطيش 160 مليون نسمة في السودان ومصر، أو إبادتهم إذا انهار السد، أو فُتحت المياه فجأة على الدولتين”.

“سد النهضة”.. هل ألقت مصر بآخر أوراقها الدبلوماسية قبل اللجوء للحل العسكري؟


سبق

ما زالت قضية سد النهضة آخذة في التفاعل، ومنذرة بحرب حامية الوطيس في منطقة القرن الإفريقي، وسط محاولات دبلوماسية ومفاوضات ودية مصرية سودانية تراوح مكانها؛ لإقناع إثيوبيا بتأجيل الملء الثاني لسد النهضة، والعودة لطاولة المفاوضات؛ للوصول لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد، يُرضي جميع الأطراف، ولا يضر بمصالح دولتَي المصب.

كانت آخر تلك الأوراق السياسية والدبلوماسية قد ألقتها مصر في خطاب رسمي لمجلس الأمن، وجهه سامح شكري، وزير الخارجية المصري، معربًا فيه عن اعتراض بلاده على ملء السد خلال موسم الفيضان المقبل، ورفضها التام للنهج الإثيوبي القائم على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتَي المصب، مصر والسودان، من خلال إجراءات وخطوات أحادية، تعد مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، بحسب ما حمل مضمون الرسالة.

وتأتي الرسالة المصرية الموجَّهة لمجلس الأمن قبل نحو أسبوعَيْن فقط من بدء إثيوبيا عملية الملء الثاني للسد؛ إذ أكدت أديس أبابا مرارًا أنها تنوي إجراء الملء الثاني لسد النهضة، الذي يقدر بـ13.5 مليار متر مكعب، في موعده المقرر في يوليو المقبل؛ وهو الأمر الذي يطرح تساؤلاً مفاده: هل ألقت مصر بآخر أوراقها الدبلوماسية قبل اللجوء للحلول العسكرية؟ أم لا يزال هناك خطوات ودية أخرى ممكنة في تلك الفترة القصيرة؟

تعنُّت إثيوبي

يقول محمد ربيع الديهي، الباحث في العلاقات الدولية، لـ”سبق” في تعليقه على الخطاب الذي وجهته مصر لمجلس الأمن بشأن سد النهضة: “من الطبيعي أن تسلك مصر كل الطرق الدبلوماسية والقانونية في حل أزمة سد النهضة؛ فالسياسة الخارجية المصرية جزءٌ من عقيدتها الحلول السلمية والتفاوضية من أجل حل الأزمات الدولية”. مضيفًا: “جاءت خطوة لجوء مصر لمجلس الأمن بعد تعنت الطرف الإثيوبي، وعدم جدية إثيوبيا في الوصول إلى حل بشأن المفاوضات”.

ويفسر “الديهي” لجوء القاهرة لمجلس الأمن في إطار احترام الدولة المصرية لسيادة القانون الدولي، وحث مصر المجتمع الدولي على تحمُّل مسؤوليته إزاء ما تراه تعنتًا إثيوبيًّا قد يهدد الأمن والسلم الدوليَّيْن في المنطقة والعالم بأسره، على حد قوله.

الخيارات المصرية

ويرى الباحث في العلاقات الدولية أن القاهرة لا يزال لديها الكثير من الحلول الدبلوماسية والسياسية، منها الوساطات الدولية، أو اللجوء للمحكمة الدولية للفصل في النزاع. كما يرى أن مصر لديها أيضًا القدرة على تشكيل وتكوين ضغوط دولية على الجانب الإثيوبي من أجل التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

ويرجع “الديهي” التعنت الإثيوبي -كما تراه القاهرة والخرطوم- إلى محاولة النظام الإثيوبي خلق العداءات لتوحيد الداخل، مشيرًا إلى أن ورقة السد هي الأخيرة في يد حكومة أديس أبابا لتوحيد الصف الداخلي في مواجهة الأزمات التي تعصف بها، منها الخلافات العرقية والإثنية.

ويوضح ذلك بقوله: “هناك طموح للحكومة الحالية في أديس أبابا للاستمرار في الحكم؛ وهو الأمر الذي يجعلها تستمر في العناد مع القاهرة لإطالة أمد الأزمة، وإقناع الإثيوبيين بأنها الحكومة الوحيدة التي لديها الحل مع القاهرة، إضافة إلى رغبة العديد من القيادات الإثيوبية في الظهور بمظهر المنتصر والقوي من خلال إطالة أمد التفاوض مع مصر؛ لإرسال رسائل للداخل الإثيوبي بأنهم الأصلح للحكم”.

ويشاطر محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، “الديهي” الرأي في حديثه إلى “سبق”، ويقول: “الممارسات الإثيوبية دوافعها داخلية؛ فأديس أبابا عدوة للجميع، وليست صديقة إلا لإريتريا فقط؛ فلديها خلافات مع الولايات المتحدة، وكندا، والاتحاد الأوروبي بسبب قمع إثنية التيجراي والأورومو والأقليات الأخرى، كما لديها خلافات مع دولتَي الجوار مصر والسودان، ولديها خلاف يتعاظم مع دول الصومال، كينيا وأوغندا”.

ويضيف: “هناك تخوف كذلك من جيبوتي من التحالف الإثيوبي الإريتري الأخير، الذي يتمثل في قمع التيجراي الذين حكموا البلاد لمدة 25 سنة، ونسجوا خلالها علاقات قوية مع دول الجوار. فقد استدعت أديس أبابا الخلاف مع الجميع؛ ما جعل الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مسؤولين إثيوبيين”.

ويتابع قائلاً: “كل الخيارات ما زالت على الطاولة. والملء الثاني ليس نهاية المطاف، خاصة أن هناك تقارير حقيقية تتحدث عن أن الملء لن يزيد على 5 مليارات متر مكعب؛ ليصل المجموع من 9 إلى 10 مليارات خلف السد. وكل هذه الأمور تؤكد أن إثيوبيا تتحرك بهدف إيذاء مصر والسودان، وأن السد بُني بهدف الكيد السياسي، وأن الممارسات الأحادية تنطوي على سوء النية والضغط وإضعاف الدور المركزي المصري في إفريقيا”، على حد تعبيره.

الخيار العسكري؟

وعلى الرغم من الحلول الدبلوماسية والسياسية التي لدى مصر، وأشار إليها الخبيران، إلا أنها تتضاءل مع مرور الوقت، واقتراب موعد بدء الملء الثاني للسد. وفي حين أن مصر لم تشر بصورة مباشرة للجوء للحل العسكري إلا أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعا خلال مشاركته في القمة الإفريقية الأخيرة في باريس إلى ضرورة حل هذه الأزمة وإلا انعكس الأمر بصورة خطيرة على أمن واستقرار المنطقة كاملة؛ وهو ما اعتبره المحللون تحذيرًا واضحًا لإثيوبيا وللأطراف الإفريقية التي تدير المفاوضات الثلاثية.

ويأتي تصريح الرئيس المصري مكملاً لتصريحه السابق في مارس الماضي حينما أكد أن مياه مصر خط أحمر، وأي مساس بها سيؤثر على استقرار المنطقة كلها. وعاد وأكد ذلك بقوله إن كل “الخيارات مفتوحة”. ودلل على استعداد القاهرة لتلك الخيارات بإجراء القوات المصرية والسودانية مناورات مشتركة على الأراضي السودانية في نهاية الشهر الماضي تحت اسم مناورات “حماة النيل”، في إشارة واضحة إلى إثيوبيا، وتهديد صريح بأن نهر النيل لديه من يحميه.

ويمكن الإشارة هنا إلى ما طرحه إسلام زعبل، الباحث في الشؤون السياسية، في دراسته المعنونة “خيارات مصر العسكرية تجاه سد النهضة: دراسة معلوماتية للمعوقات وفرص النجاح”، من خيارات مصر العسكرية إزاء أزمة سد النهضة.

ويلفت “زعبل” في دراسته المشار إليها سابقًا إلى التفوق الواضح والصريح للقوات المسلحة المصرية على الجيش الإثيوبي؛ إذ تتمتع مصر بمزايا نسبية في كل من “القوات البرية والجوية”، كما يطرح الباحث؛ إذ تحتل القوات المسلحة المصرية المرتبة الـ13 على العالم، في المقابل قوات الدفاع الوطني الإثيوبية في المرتبة الـ60؛ ما يؤكد أن حجم قوة الجيش المصري يبلغ أكثر من 2.5 ضعف حجم الجيش الإثيوبي؛ إذ يبلغ عدد أفراد الخدمة الفعلية 450 ألفًا بالجيش المصري مقابل 162 ألفًا بالجيش الإثيوبي.

ويستقي “زعبل” أرقامه من موقع “جلوبال فايرباور” العالمي المختص بالشؤون العسكرية.

ويضيف وفقا لتلك الأرقام بأن مصر تمتلك 480000 عسكري وضابط بقوات الاحتياطي، في حين أن الجيش الإثيوبي لا يمتلك قوات احتياط، كما تمتلك القوات المسلحة المصرية 15998 دبابة قتالية وعربة مصفحة، أي 31 ضعف ما يمتلكه الجيش الإثيوبي من دبابات وعربات مصفحة، الذي يمتلك 514 فقط.

ويخلص “زعبل” في دراسته إلى أنه ليس أمام مصر إلا خيار واحد للقيام بعمل عسكري موجَّه ضد السد الإثيوبي، هو “الضربة الجوية”، سواء من قاعدة برنيس العسكرية الواقعة علي البحر الأحمر، أو استخدام القواعد السودانية لتنفيذ هذه الضربة، وهو السيناريو الأنسب لمصر، على حد تعبيره.

ولم يستبعد أنس القصاص، الباحث والمحاضر في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية والسياسات الدفاعية، الخيار العسكري من بين الخيارات المصرية للتعامل مع الأزمة، لافتًا بقوله إن “ذهاب مصر إلى الخيار العسكري سيكون فقط في حالة الضرورة، ولمنع كارثة أكبر تتمثل في تعطيش 160 مليون نسمة في السودان ومصر، أو إبادتهم إذا انهار السد، أو فُتحت المياه فجأة على الدولتين”.

15 يونيو 2021 – 5 ذو القعدة 1442

01:19 AM


وجَّهت رسالة لمجلس الأمن حملت اعتراضًا على النوايا الإثيوبية تجاه النيل

ما زالت قضية سد النهضة آخذة في التفاعل، ومنذرة بحرب حامية الوطيس في منطقة القرن الإفريقي، وسط محاولات دبلوماسية ومفاوضات ودية مصرية سودانية تراوح مكانها؛ لإقناع إثيوبيا بتأجيل الملء الثاني لسد النهضة، والعودة لطاولة المفاوضات؛ للوصول لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد، يُرضي جميع الأطراف، ولا يضر بمصالح دولتَي المصب.

كانت آخر تلك الأوراق السياسية والدبلوماسية قد ألقتها مصر في خطاب رسمي لمجلس الأمن، وجهه سامح شكري، وزير الخارجية المصري، معربًا فيه عن اعتراض بلاده على ملء السد خلال موسم الفيضان المقبل، ورفضها التام للنهج الإثيوبي القائم على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتَي المصب، مصر والسودان، من خلال إجراءات وخطوات أحادية، تعد مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، بحسب ما حمل مضمون الرسالة.

وتأتي الرسالة المصرية الموجَّهة لمجلس الأمن قبل نحو أسبوعَيْن فقط من بدء إثيوبيا عملية الملء الثاني للسد؛ إذ أكدت أديس أبابا مرارًا أنها تنوي إجراء الملء الثاني لسد النهضة، الذي يقدر بـ13.5 مليار متر مكعب، في موعده المقرر في يوليو المقبل؛ وهو الأمر الذي يطرح تساؤلاً مفاده: هل ألقت مصر بآخر أوراقها الدبلوماسية قبل اللجوء للحلول العسكرية؟ أم لا يزال هناك خطوات ودية أخرى ممكنة في تلك الفترة القصيرة؟

تعنُّت إثيوبي

يقول محمد ربيع الديهي، الباحث في العلاقات الدولية، لـ”سبق” في تعليقه على الخطاب الذي وجهته مصر لمجلس الأمن بشأن سد النهضة: “من الطبيعي أن تسلك مصر كل الطرق الدبلوماسية والقانونية في حل أزمة سد النهضة؛ فالسياسة الخارجية المصرية جزءٌ من عقيدتها الحلول السلمية والتفاوضية من أجل حل الأزمات الدولية”. مضيفًا: “جاءت خطوة لجوء مصر لمجلس الأمن بعد تعنت الطرف الإثيوبي، وعدم جدية إثيوبيا في الوصول إلى حل بشأن المفاوضات”.

ويفسر “الديهي” لجوء القاهرة لمجلس الأمن في إطار احترام الدولة المصرية لسيادة القانون الدولي، وحث مصر المجتمع الدولي على تحمُّل مسؤوليته إزاء ما تراه تعنتًا إثيوبيًّا قد يهدد الأمن والسلم الدوليَّيْن في المنطقة والعالم بأسره، على حد قوله.

الخيارات المصرية

ويرى الباحث في العلاقات الدولية أن القاهرة لا يزال لديها الكثير من الحلول الدبلوماسية والسياسية، منها الوساطات الدولية، أو اللجوء للمحكمة الدولية للفصل في النزاع. كما يرى أن مصر لديها أيضًا القدرة على تشكيل وتكوين ضغوط دولية على الجانب الإثيوبي من أجل التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

ويرجع “الديهي” التعنت الإثيوبي -كما تراه القاهرة والخرطوم- إلى محاولة النظام الإثيوبي خلق العداءات لتوحيد الداخل، مشيرًا إلى أن ورقة السد هي الأخيرة في يد حكومة أديس أبابا لتوحيد الصف الداخلي في مواجهة الأزمات التي تعصف بها، منها الخلافات العرقية والإثنية.

ويوضح ذلك بقوله: “هناك طموح للحكومة الحالية في أديس أبابا للاستمرار في الحكم؛ وهو الأمر الذي يجعلها تستمر في العناد مع القاهرة لإطالة أمد الأزمة، وإقناع الإثيوبيين بأنها الحكومة الوحيدة التي لديها الحل مع القاهرة، إضافة إلى رغبة العديد من القيادات الإثيوبية في الظهور بمظهر المنتصر والقوي من خلال إطالة أمد التفاوض مع مصر؛ لإرسال رسائل للداخل الإثيوبي بأنهم الأصلح للحكم”.

ويشاطر محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، “الديهي” الرأي في حديثه إلى “سبق”، ويقول: “الممارسات الإثيوبية دوافعها داخلية؛ فأديس أبابا عدوة للجميع، وليست صديقة إلا لإريتريا فقط؛ فلديها خلافات مع الولايات المتحدة، وكندا، والاتحاد الأوروبي بسبب قمع إثنية التيجراي والأورومو والأقليات الأخرى، كما لديها خلافات مع دولتَي الجوار مصر والسودان، ولديها خلاف يتعاظم مع دول الصومال، كينيا وأوغندا”.

ويضيف: “هناك تخوف كذلك من جيبوتي من التحالف الإثيوبي الإريتري الأخير، الذي يتمثل في قمع التيجراي الذين حكموا البلاد لمدة 25 سنة، ونسجوا خلالها علاقات قوية مع دول الجوار. فقد استدعت أديس أبابا الخلاف مع الجميع؛ ما جعل الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مسؤولين إثيوبيين”.

ويتابع قائلاً: “كل الخيارات ما زالت على الطاولة. والملء الثاني ليس نهاية المطاف، خاصة أن هناك تقارير حقيقية تتحدث عن أن الملء لن يزيد على 5 مليارات متر مكعب؛ ليصل المجموع من 9 إلى 10 مليارات خلف السد. وكل هذه الأمور تؤكد أن إثيوبيا تتحرك بهدف إيذاء مصر والسودان، وأن السد بُني بهدف الكيد السياسي، وأن الممارسات الأحادية تنطوي على سوء النية والضغط وإضعاف الدور المركزي المصري في إفريقيا”، على حد تعبيره.

الخيار العسكري؟

وعلى الرغم من الحلول الدبلوماسية والسياسية التي لدى مصر، وأشار إليها الخبيران، إلا أنها تتضاءل مع مرور الوقت، واقتراب موعد بدء الملء الثاني للسد. وفي حين أن مصر لم تشر بصورة مباشرة للجوء للحل العسكري إلا أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعا خلال مشاركته في القمة الإفريقية الأخيرة في باريس إلى ضرورة حل هذه الأزمة وإلا انعكس الأمر بصورة خطيرة على أمن واستقرار المنطقة كاملة؛ وهو ما اعتبره المحللون تحذيرًا واضحًا لإثيوبيا وللأطراف الإفريقية التي تدير المفاوضات الثلاثية.

ويأتي تصريح الرئيس المصري مكملاً لتصريحه السابق في مارس الماضي حينما أكد أن مياه مصر خط أحمر، وأي مساس بها سيؤثر على استقرار المنطقة كلها. وعاد وأكد ذلك بقوله إن كل “الخيارات مفتوحة”. ودلل على استعداد القاهرة لتلك الخيارات بإجراء القوات المصرية والسودانية مناورات مشتركة على الأراضي السودانية في نهاية الشهر الماضي تحت اسم مناورات “حماة النيل”، في إشارة واضحة إلى إثيوبيا، وتهديد صريح بأن نهر النيل لديه من يحميه.

ويمكن الإشارة هنا إلى ما طرحه إسلام زعبل، الباحث في الشؤون السياسية، في دراسته المعنونة “خيارات مصر العسكرية تجاه سد النهضة: دراسة معلوماتية للمعوقات وفرص النجاح”، من خيارات مصر العسكرية إزاء أزمة سد النهضة.

ويلفت “زعبل” في دراسته المشار إليها سابقًا إلى التفوق الواضح والصريح للقوات المسلحة المصرية على الجيش الإثيوبي؛ إذ تتمتع مصر بمزايا نسبية في كل من “القوات البرية والجوية”، كما يطرح الباحث؛ إذ تحتل القوات المسلحة المصرية المرتبة الـ13 على العالم، في المقابل قوات الدفاع الوطني الإثيوبية في المرتبة الـ60؛ ما يؤكد أن حجم قوة الجيش المصري يبلغ أكثر من 2.5 ضعف حجم الجيش الإثيوبي؛ إذ يبلغ عدد أفراد الخدمة الفعلية 450 ألفًا بالجيش المصري مقابل 162 ألفًا بالجيش الإثيوبي.

ويستقي “زعبل” أرقامه من موقع “جلوبال فايرباور” العالمي المختص بالشؤون العسكرية.

ويضيف وفقا لتلك الأرقام بأن مصر تمتلك 480000 عسكري وضابط بقوات الاحتياطي، في حين أن الجيش الإثيوبي لا يمتلك قوات احتياط، كما تمتلك القوات المسلحة المصرية 15998 دبابة قتالية وعربة مصفحة، أي 31 ضعف ما يمتلكه الجيش الإثيوبي من دبابات وعربات مصفحة، الذي يمتلك 514 فقط.

ويخلص “زعبل” في دراسته إلى أنه ليس أمام مصر إلا خيار واحد للقيام بعمل عسكري موجَّه ضد السد الإثيوبي، هو “الضربة الجوية”، سواء من قاعدة برنيس العسكرية الواقعة علي البحر الأحمر، أو استخدام القواعد السودانية لتنفيذ هذه الضربة، وهو السيناريو الأنسب لمصر، على حد تعبيره.

ولم يستبعد أنس القصاص، الباحث والمحاضر في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية والسياسات الدفاعية، الخيار العسكري من بين الخيارات المصرية للتعامل مع الأزمة، لافتًا بقوله إن “ذهاب مصر إلى الخيار العسكري سيكون فقط في حالة الضرورة، ولمنع كارثة أكبر تتمثل في تعطيش 160 مليون نسمة في السودان ومصر، أو إبادتهم إذا انهار السد، أو فُتحت المياه فجأة على الدولتين”.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply