[ad_1]
12 يونيو 2021 – 2 ذو القعدة 1442
01:07 AM
الفارون من جحيم الحوثي (ح2) .. رحلة الدراسة تحوَّلت إلى كابوس أسود
حبسوه في “بيت الرعب” وشاهد زميله يموت أمامه.. شاب يحكي لـ”سبق” قصة اعتقاله وابتزازه ماليًّا من الحوثيين
“أرجوكم أعطوني أحد كتبي الجامعية ولو لمدة نصف ساعة”.. يتوسل الطالب الجامعي ياسر القباطي لمشرف معتقل الحوثي بكلية المجتمع بجامعة ذمار إلا أنه يرد على طلبه بكل برود قائلاً: “اقرأ ملازم السيد.. ذاكر من الملازم (دروس حسين الحوثي مؤسس ميليشيا الحوثيين)”.
وعلى الرغم من أن الكتب كانت موجودة في الأمانات، وأن المعتقل في وسط جامعة، إلا أن القائمين على المعتقل حرموا الطالب اليمني من الحصول على كتاب.. هنا أدرك “القباطي” جيدًا أنه أمام ميليشيات جاهلة طائفية، لا تريد الخير لليمن، وأن ما تريده فقط هو تجهيل الشعب والشباب اليمني، وأن يستقوا كل أفكارهم ومعلوماتهم من (ملازم السيد) حتى يصبحوا مثلهم أتباعًا ومريدين للجهلاء والطائفيين من أقطاب الحوثيين.
والتقت “سبق” ياسر القباطي، الطالب بكلية الحقوق جامعة تعز، والمعتقل السابق بسجون الحوثيين؛ ليحكي لنا تجربته الأليمة مع الاعتقال، وملابسات وظروف حبسه في سجون الحوثيين التي شبَّهها ببيوت الرعب.
اعتقال في ظروف غامضة
لم يكن يتخيل “القباطي” أن رحلته من منطقة الحوبان (تسيطر عليها الميليشيا الحوثية)، حيث يسكن، إلى داخل مدينة تعز (تابعة لسيطرة الشرعية)؛ لغرض إتمام دراسته الجامعية، ستتحول إلى كابوس يلازمه طوال العمر؛ فبدلاً من أن تكون رحلة العمر لانتقاله للحياة الجامعية الجديدة؛ لتفتح له آفاقًا أوسع وأرحب، أصبحت رحلة إلى ما وراء الشمس، لم تكن تخطر بباله، ولا في أسوأ أحلامه.
يقول الشاب اليمني: “استقللتُ سيارة أجرة بمعية الكثير من المسافرين إلى مدينة تعز، ولكن فوجئنا بعد بضعة كيلومترات من منطقة الحوبان باستيقاف السيارة التي تُقِلُّنا، وتم إنزال الجميع للتفتيش، وإرجاعهم”. مضيفًا: “غير أن ضابط النقطة مكث يتمعن في بطاقتي الشخصية، وكأنه وجد بغيته؛ فتم إنزالي منفردًا إلى غرفة خاصة بقائد النقطة؛ ليكون الاعتقال كما القتل بالهوية”.
ويتابع: “وقبل أن أستوعب ما يجري كان أحدهم يوجّه فوهة بندقيته إلى صدري، ويأمرني بالاعتراف بأنني مجند لدى الشرعية. وإلى قبل هذه التهمة كنت أظنُّ أن ما يحدث مجرد لبس بموضوع ما”.
وقبل أن يدرك “القباطي” ما يحدث وجد نفسه سريعًا في زنزانة حديدية انفرادية، لا تدخلها الشمس، إلا فقط عندما يشعر بلهيبها ولسعاتها على جلده؛ ليدرك أن الفجر قد بزغ، والليل قد رحل.. إلا أن ليل “القباطي” لا يرحل أبدًا؛ فالغرفة مظلمة موحشة، لا يتسرب إليها الضوء أبدًا.
“سلبوني كل شيء”
وبعد يومين، مرَّا كما لو كانا دهرًا، وجد طالب الحقوق اليمني نفسه محمولاً في ليلة شديدة البرودة في سيارة عسكرية مصفحة إلى معتقل الصالح، وهو المعتقل الرئيسي للميليشيا الإرهابية في محافظة تعز.
يقول “القباطي”: “تم ربط عينَيّ ويدَيّ من الخلف، وحملي إلى سيارة عسكرية مصفحة. لم أكن أعرف حينها إلى أين أمضي غير أن إيماني بربي كان الدليل. وبعد أن كانت السيارة تسير بسرعة جنونية والحراس حولي، وأنا مكبل بالوثاق، أخيرًا فتحت عينَيّ المتعبتَين بعد أن فكوا وثاقهما فوجدت نفسي في معتقل لم أكن أعرف عنه غير أنه مدينة الرعب”.
ويضيف: “سلبوني كل شيء: كتبي، وملابسي، حتى الخاتم من أصبعي، وقبلها تم سلبي هاتفي، وحرماني من التواصل مع أهلي؛ ليتم إدخالي شقة تعج بالمعتقلين”.
وإمعانًا في تعذيبه نفسيًّا ترك رجال الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران الشاب اليمني نحو أسبوعَين متواصلَين دون استجواب أو تحقيق. يقول عن ذلك: “في كل ليلة أسمع طارق الباب فأصحو من نومي متلعثمًا ظنًّا مني أنني أنا المطلوب. لمدة أسبوعَيْن وأنا أعيش التوتر والقلق، أسمع النحيب والصراخ الموحش من غرف التحقيق، وأنتظر مصيري”.
ويستكمل “القباطي” حديثه قائلاً: “وبعد مرور كل هذا الوقت تم استدعائي لأُفاجَأ بأنهم يعلمون كل تفاصيل حياتي، غير أنهم كالوا لي التهم بالجملة.. قضايا أكبر من حجمي الطبيعي، قضايا جعلت من الطالب الحقوقي المسالم قائدًا جسورًا”.
ويتابع: “لقد أصروا على أني أعمل لدى التحالف العربي، وأنني زرت مقار التحالف، وأنني مجند لدى الشرعية.. قضايا كثيرة، كان لا مناص من النجاة منها”.
وعلى الرغم من نفي الشاب كل تلك الادعاءات الجزافية إلا أن الميليشيا أصرت عليها، وأجبرته على أن يوقِّع ويبصم على اعترافات صاغوها وفصلوها في جنح الليل، وذلك بعد أسبوعَين متواصلَين من التحقيقات، أنهكوا فيهما الشاب الصغير نفسيًّا وذهنيًّا، وحمَّلوه -وهو لا يزال في مقتبل العمر- ما لا طاقة له به.
ظروف قاسية
وفور انتهاء التحقيقات المجحفة، التي منع فيها الحوثيين الشاب من الاستعانة بمحامين للدفاع عنه، ولم يبلِّغوا أهله بها، نُقل “القباطي” إلى معتقل كلية المجتمع بمحافظة ذمار، وهو معتقل سري، يتبع الأمن الوقائي الخاص بالحوثيين، ويُمنع فيه الزيارات، غير أنه يسمح فيه بالاتصالات في بداية كل شهر، بحسب ما قال الشاب اليمني.
وأشار “القباطي” إلى ما عاناه من ظروف قاسية في معتقلات الحوثيين؛ فقد كانت المياه غير نظيفة، والطعام تأنف الحيوانات الشريدة من تناوله، كما كان الحوثيون يمنعون دخول الأدوية والعلاجات إلى الزنازين؛ فقد قضى أحد المعتقلين نحبه أمامه دون منقذ له نتيجة معاناته مع مرض (السل الرئوي)؛ فلم يهتم أحد بصراخهم، ولم يعيروا الموت أدنى انتباه، على حد تعبيره.
المال مقابل الإفراج!
ويلفت “القباطي” الذي كان طوال تلك الفترة لا يعلم أهله عنه شيئًا إلى أنه تم ابتزاز أسرته ماليًّا من قِبل رجال الحوثيين للإفراج عنه بعد قضائه أكثر من سنة في معتقل كلية المجتمع؛ ليحدث الفرج أخيرًا بالإفراج عنه بعد دفع أهله مبالغ مالية لأحد رجال الحوثيين في ذلك السجن.. ولكن حدث ما لم يتوقعه مرة أخرى! فقد عاود الحوثيون اعتقال الشاب اليمني مرة أخرى بعد حصولهم على نقود الابتزاز، وألقوا به في سجن الشمالية الخاص بتنظيم القاعدة لمدة 8 أشهر، عانى “القباطي” خلالها التعذيب النفسي والجسدي على أيدي الجلادين الحوثيين، والابتزاز المالي مجددًا، دون أن تعيره المنظمات والمؤسسات الدولية الحقوقية أي اهتمام.
يقول “القباطي”: “مكثتُ في معتقل الشمالية ثمانية أشهر، كانت مليئة بالقلق والتوتر الذي أورثني العديد من الأمراض، مثل المعدة، والقولون العصبي.. وغيرهما، بعدها تدخَّل الشخص نفسه الذي أفرج عني، وأعادني إلى المعتقل، وكان مشرفًا له ثقله، وأخرجني هذه المرة بمقابل مادي أيضًا، وبمقابل ضمانات وتعهدات بالجملة”.
ويضيف الطالب اليمني الشاب في أسى، والدموع لا تفارق عينَيه: “لقد أخلوا سبيلي.. لكنهم أخذوا مني كل ما يستطيعون أخذه، من راحة نفسية ومال وصحة وحاضر ومستقبل”.
وفور خروجه، وحتى لا يكرر أخطاء الماضي، قرر “القباطي” الفرار إلى مكان آخر بعيدًا عن أعين الحوثي الجبانة، تتحفظ “سبق” عن ذكره؛ حتى لا يطول بطش الانقلابيين الشاب اليمني ورفاقه ممن كابدوا الألم والمعاناة في جحيم الحوثي.
[ad_2]
Source link