أین أُذنك یا مُعلِّم؟!

أین أُذنك یا مُعلِّم؟!

[ad_1]

أین أُذنك یا مُعلِّم؟!

أحمد عجبالرياض

من أكثر الأعمال مشقة ومللاً بالقطاع الخاص تلك الوظائف التي یكون فیها الدوام على فترتین (صباحیة ومسائیة)، وكل فترة منها یتخللها فترات للراحة والصلاة والطعام؛ وهو ما یطیل من ساعات العمل لتمتد من 8 ساعات إلى 12 ساعة؛ ما یجعل الموظف طوال ذلك الیوم سجینًا خلف قضبان الوظیفة، وكل همه كیف يستطیع التحرر من عبودیة القطاع الخاص، وكیف یمكنه الحصول على وظیفة حكومیة بدوام واحد، ینتهي منه، ثم یستمتع ببقیة الیوم، وینجز بقیة مشاویره؟!

الیوم أصبح العام الدراسي هو الآخر أكثر مشقة ومللاً، وأشبه ما یكون بالدوام الیومي للموظف الأهلي بالقطاع الخاص؛ إذ يداوم المدرسون والطلبة فیه طوال العام، وذلك بعد أن أعلن معالي وزیر التعلیم أن التقویم الدراسي سیكون بنظام ثلاثة فصول بدلاً من فصلَین دراسیَّین، وأن یتكون كل فصل من 13 أسبوعًا، وكل فصل یتخلله إجازات مطولة عدة لنهایة الأسبوع، إضافة لإجازة بین كل فصل وآخر؛ لتصل بمجموعها خلال العام إلى ١٢ إجازة متقطعة!!

فترات الإجازات المتقطعة التي ستتخلل الفصل الدراسي الواحد لن یستمتع بها لا المعلمون ولا الطلبة بالمطلق، بل أقصى ما سیقوم به كل منهم خلالها أن یضبط منبه ساعته ویأخذ له (غفوة) سریعة قبل أن یستیقظ منزعجًا ومفجوعًا من الكوابیس التي تخللتها على موعد فترة الدوام الثانیة، وهكذا تروح أعمارهم ما بین المدرسة والفراش!

ربما كنتُ سأتفهم قرار تمدید العام الدراسي فیما لو كان الغرض منه ضغط السنتین أو الأترام الثلاثة بسنة، خاصة بالثانویة، كما هو الحال باستفادة الكثیر من طلبة الجامعة من الترم الصیفي بتسجیل مواد تعجل بالتخرج، أما أن یبقى احتساب العام الدراسي الطویل بالسنة الدراسیة السابقة نفسها فهذا یذكّرنا بتلك الطرفة العربیة التي تقول: سأل الناس: «أین أُذنك یا جحا؟»، فرفع یمناه، ودار بها حول رأسه متخطیًا أُذنه الیمنى القریبة؛ لیشیر إلى أُذنه الیسرى البعیدة بالجانب الآخر!

ربما كنتُ سأتفهّم قرار تمدید العام الدراسي فیما لو كانت المناهج والطریقة التعلیمیة طویلة ومعقدة وصعبة كما كانت منذ عقود، أما الیوم فنحن أمام تحدي إرساء التحول الرقمي وتأصیل التعاملات الإلكترونیة السریعة للحاق بالدول المتقدمة ومجاراتها.

الغالبیة تكاد تتفق على أن الإجازة الصیفیة للمعلمين والطلبة، الممتدة لأربعة أشهر، طویلة جدًّا، وتغذي الكسل والخمول لدیهم، لكن معالجتها بهذا الشكل الطویل والمرهق ستولّد مع الوقت ضغوطات عصبیة وأمراضًا نفسیة، تنعكس سلبًا على مجتمعنا، بخلاف أن الإجازة الصیفیة لم تكن فقط للراحة والاستجمام، بل كانت فترة كافیة لتناوب الموظفین على أخذ الوظائف خلالها، والسفر بصحبة أبنائهم للمصائف.. كانت فترة مناسبة ليرحل إلیها تنفیذ الأحكام ضد الأحداث حتى لا تتأثر دراستهم.. كانت -وما زالت- فترة ملتهبة بحرارة الطقس، سينتج منها الكثیر من ضربات الشمس، خاصة بالفسحة والصرفة!

یبدو أن أعین الحاسدین أصابت المعلمین لتبدد إجازتهم الطویلة، وتختصرها بحدود الشهر، حتى أن المعلم – مع تقدیرنا البالغ لمكانته – قد یجیبك متى سألته بعد انتهائه من إتمام العام الدراسي «أین إجازتك الدراسیة یا مُعلّم؟» بأن يرفع یمناه، ویدور بها حول العام الدراسي متخطیًا إجازته القریبة التي كانت تبدأ برمضان؛ لیشیر لإجازته الیسرى البعیدة التي تبدأ بذي الحجة!!



[ad_2]

Source link

Leave a Reply