[ad_1]
07 مايو 2021 – 25 رمضان 1442
02:42 PM
حذّر من أن يحمل فرح العيد على إغفال تبعات جائحة الوباء الجاثم
خطيب الحرم المكي: الموفق من جعل رمضان بداية السباق في ميدان الطاعات
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: لقد عاش الناس مع شهرهم هذا أياماً فاضلة وليالي مباركات بين مقل منها ومكثر، وبين مفرط تائه لاهٍ شغلته الملهيات عن النفحات، وغفل بتتبع الصوارف عن شهر البركات والرحمات فبينما هو كذلك إذ بشهر المغفرة والعتق من النيران يمر سريعا كمر السحاب.
وأضاف: هنيئاً لمن ربح البيع فظفر بالقبول والغفران، وخيبة لمن خسره فرغم أنفه بعد أن باء بالخذلان والحرمان، ألا إن شهر رمضان قد أزف على الرحيل، وتصرمت أيامه ولياليه الفاضلة، فهو وحي التقضي سريع الأفول، وإن للحظات فراقه ووداعه غصة تشرق منها حلوق المخبتين، وتدمع لها عيون القانتين، وتحزن لها قلوب التائبين.
وأردف: شهر رمضان أذن بالرحيل وما هو إلا كضيف لما نأنس بروحانيته ونستمتع بنسائمه حتى لملم حقائبه وشد رحله ليودعنا بمثل ما جاءنا به، وإن الفراق شديد وما أمر البين، فليت شعري من الفائز فينا ومن الخاسر، ومن المقبول منا ومن المردود.
وأوضح أن بالأمس كنا نحييه ويبشر بعضنا بعضاً بإطلالته، وها نحن اليوم نودعه ونحن مشفقون من رحيله آسفون لتقلص نسماته، مبيناً أن الدنيا لا تدوم على حال والنسيم لا يهب عليلاً على الدوام، والأيام تغدو فلا ترجع كل يوم منها يقربنا من الأجل وينقص من العمر، والسعيد من لم يزده مضيها إلا قرباً من خالقه وبعداً عما يبغضه، وقناعة بأنها دار ممر لا دار مقر وأن مواسم الطاعات فيها كسوق مشرعة الأبواب عامرة بالخيرات والبركات يبتهج فيها الرابح وينكسر فيها الخاسر والموفق من جعل شهر رمضان بداية السباق في ميدان طاعاته لا نهايته، وإن لكل ميدان بداية ونهاية وإن الأرباح عند التمام والعبرة باقتناص الجوائز في النهايات، فلا قيمة لربح يختم بخسران، ولا أثر لخسارة تختتم بالربح والفائز حقا هو من خاف فأدلج، فإن من أدلج بلغ المنزل، ولن يبلغ المنزل من شغلته الصوارف في ما بقي من العشر ولا من كثر التفاته وترادف فضوله في تتبع الرؤى المنامية عن ليلة القدر، فإن من شغل نفسه بالمنامات غفل عن اغتنام اليقظة.
وذكر “الشريم” أن الله وصف شهر رمضان بأيام معدودات إشارة إلى قصر مدته وسرعة فواته، لكن هذه الأيام القليلة تحمل في طياتها أجوراً عظيمة لا تُحَد، فإذا كانت الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، فإن الصوم يفوق تلك المضاعفة، كيف لا وقد أوكل الله أجره إلى نفسه، ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”.
وأفاد بأن المرء الموفق هو من بادر قبل الفوات وجعل يبعالتوبة مسك ختامه وختام مسكه، فإن الأعمال بالخواتيم، والتوبة تجب ما قبلها، وأنه ما انكسر من تاب، وما خاب من أناب، {إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}، وإن في ما بقي من شهركم فرصة كبرى للمطيع أن يتزود، وللمقصر أن يستدرك، فإن ما مضى فات، والمؤمل غيب، وليس للفطن إلا الساعة التي هو فيها، فليأخذ من صحته لمرضه، ومن حياته لموته، إذ ما هو في الدنيا إلا كغريب أو عابر سبيل {ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متاباً}.
وقال “الشريم”: إن على المرء المسلم أن يتقي الغفلة ما استطاع، فإن من أشد ما يصرفه عن طاعة ربه أن يبتلى بالغفلة عنه؛ لأنه بذلك يُحْرم التوفيق، واغتنام الأوقات الفاضلة من داخل نفسه، قبل أن تشغله وقائع الحياة الحقيقية، وهنا مكمن خسرانه دون ريب.
وأضاف أن نفس الإنسان كفصول السنة منها الصيف والخريف والشتاء والربيع، فإن لم يروض نفسه على تلقي تلك الفصول وإنزالها منازلها لن تُرَضْ، وسيخدع نفسه حينما يوهمها بأنه يستطيع العيش مدى الحياة في فصل واحد على الدوام، فإن لله نفحات ينبغي أن يتعرض لها المرء ولا يفرط فيها قيد أنملة {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله}، وأن دواعي القرب من الله في هذا الشهر المبارك أكثر وفرة من غيره وأحظى بركة مما سواه، فمن ضيع ذلكم فهو لما سواه أضيع.
وأردف: ألا بئس القوم لا يعرفون الله في رمضان، وبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان، ونعم القوم الذين عرفوا الله في كل حين وآن يعبدون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، آناء الليل وأطراف النهار، ويجعلون مواسم الخيرات لهم مربحاً ومغنماً، وأوقات البركات والنفحات لهم إلى رحمة ربهم طريقاً وسلماً، فإن كل معروف يقتبسه المرء من رمضان ويعزم على المداومة عليه فهو الظفر الحقيقي له، وكان ممن اقتفى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم حين قال لعبدالله بن عمرو بن العاص: “يا عبدالله، لا تكُنْ مثل فلان كان يقوم من الليل، فترك قيام الليْل” رواه البخاري ومسلم.
وحذر “الشريم” من أن يحمل فرح العيد على إغفال تبعات جائحة الوباء الجاثم، في التساهل واللامبالاة، كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، إفساد ما مضى من جهود مشكورة قد بذلت لتجاوز هذه العقبة الكؤود، فالحذر الحذر من التهاون في اتخاذ الإجراءات الوقائية، ولتحملوا المسؤولية على وجهها الصحيح بجد وإصرار.
وذكّر بأن الله شَرَعَ في ختام شهر رمضان إخراج زكاة الفطر؛ فهي طهرة لكم وشكراً لخالقكم، فأدوها كما افترضت عليكم عن الذكر والأنثى والصغير والكبير، وعمن تقومون بنفقته، وصدقة الفطر تكون مما يطعم الناس، فعن أبي سعيد الخدري أنه قال: “كنا نخرج على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعاً من طعام، وكان طعامَنا الشعيرُ والزبيب والأقط والتمر” رواه البخاري ومسلم، ويدخل في ذلكم الأرز وغيره من قوت الآدميين، وكلما كان المطعوم أطيب فهو أفضل، والله جل وعلا يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، ووقت إخراجها يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.
[ad_2]
Source link