[ad_1]
في المرّة المقبلة، عندما يأخذكم نظام الملاحة في سيارتكم إلى باب مطعم رائع يقدّم أشهى الأطباق، لا تنسوا أن تشكروا ما يُعرف بـ«نظام التموضع العالمي» الشهير بـ«جي بي إس». الذي طوره الجيش الأميركي، وهو عبارة عن شبكة من الأقمار الصناعية التي تتيح تحديد أي موقع على وجه الكوكب.
إرشادات التجول
ولكنّ تقنية الـ«جي بي إس». التي طوّرها الجيش الأميركي لم تكن أوّل خيارات السائقين للحصول على المساعدة والوصول إلى وجهتهم. ففي ثلاثينات القرن الماضي، برز جهاز «إيتر آفتو» الذي يقدّم إرشادات ملاحية. كان هذا الجهاز الذي يُثبّت على لوح مقصورة السيّارة الأمامي، يعتمد على تصفّح خرائط ورقية وسلك يصله بعدّاد السرعة بهدف تتبّع طريقٍ معيّن بشكلٍ تقريبي ما دام أن السائق يسير في الطريق الصحيح لأنّ الخروج عنه ولو للحظات كان يمكن أن يُذهب جهود الجهاز سدى.
تطوّرت تقنيات تحديد المواقع خلال السنوات الماضية ولو ببطء حتّى أصبحت تقنية الـ«جي بي إس». رفيقاً لا غنى عنه أثناء القيادة وباتت الهواتف تعتمد على إشاراته الصادرة عن الأقمار الصناعية في خدمات متعدّدة أبرزها «الملاحة» بمفهومها البري أيضا.
ولكنّ استخدام الهاتف للملاحة أثناء القيادة لا يخلو من الجوانب السلبية ولا سيّما إذا كان لا يتوافق مع نظام المعلومات والترفيه الخاص بسيّارة المستخدم أو إذا كان تثبيت الهاتف صعباً، فضلاً عن أنّ اعتماد الهواتف الذكية على الإرسال الخلوي للحصول على بيانات الخرائط قد يصطدم بتعثّر التغطية في مناطق كالجبال يكون الإرسال فيها ضعيفاً. ولكنّ الهواتف الذكية سهلة الاستخدام والجميع تقريباً يحملها اليوم.
أجهزة حديثة
وتعمل كلّ من غوغل وآبل على تحديث خرائطهما بشكل أوتوماتيكي كلّ ما استدعت الحاجة حتّى أنّ العربات الحديثة باتت تتيح لتطبيقات «كار بلاي» من آبل Apple CarPlay و«آندرويد أوتو» Android Auto العمل على الشاشة المثبّتة في لوح السيّارة الأمامي.
وتعتبر أجهزة الملاحة الحديثة التي يتمّ تثبيتها فوق أو على لوح مقصورة العربة الأمامي خطوة متقدّمة عن الهواتف الذكية وجهاز «إيتر آفتو». على سبيل المثال، يمكن للمستهلك طلب نظام «غارمين درايف سمارت 61 إل إم تي – إس». Garmin DriveSmart 61 LMT – S للملاحة مع شاشة بمقاس 6.95 بوصة للحصول على رؤية أفضل. ويقدم غارمين للمستهلكين توجيهات صوتية مفصّلة ومنظّمة ويستخدم أسماء الشوارع والمعالم بالإضافة إلى النقاط المهمّة والمستشفيات ويصدر تحذيرات من الازدحام المروري ويعرض على شاشته حدود السرعات المسموح بها والتحذيرات الضرورية لسلامة السائق. وتتوفّر في الأسواق نماذج أخرى دقيقة أبرزها «توم توم» و«ماجيلّان» مع مجموعة كاملة من الخصائص المتطوّرة.
تأتي أنظمة الملاحة العصرية محمّلة بخرائط المواقع وتشهد تحديثات لاسلكية عند الحاجة. إذا كنتم تبحثون عن أحدها، يمكنكم العثور عليها في «لائحة أفضل أنظمة الملاحة» عبر شبكة الإنترنت.
أنظمة مدمجة
والآن حان دور أنظمة الملاحة المدمجة صناعياً في السيّارات والتي تتفوّق على الهواتف الذكية والأجهزة التي تُثبت على لوح مقصورة السيّارة الأمامي.
تقدّم هذه الأنظمة التي يتمّ تركيبها أثناء مرحلة الصناعة، لمستخدمها دقّة أفضل ومزايا أكثر واندماجا أكبر. وتأتي عادة مع شاشات أعلى جودة، فضلاً عن أنّها لا تشكّل عامل جذبٍ للسارقين كما هو في الأجهزة الظاهرة التي يتمّ تركيبها على لوح مقصورة السيّارة الأمامي.
تحتوي هذه الأنظمة المدمجة أيضاً على رقائق أقوى من النماذج المنفصلة وتضمّ هوائيات متينة موضوعة في أماكن أفضل.
يُعدّ نظام الملاحة المستخدم في سيّارة «كاديلاك إسكالاد 2021» Cadillac Escalade أحد أفضل الأمثلة على التطوّر الذي بلغته هذه التقنية. فإذا اخترتم مثلاً توجيهات صوتية في لائحة خيارات النظام، يعمل الصوت وفقاً للمهمّة المطلوبة. وعند الاقتراب من منعطف إلى جهة اليمين، يأتي الصوت من الجهة اليمنى في المركبة ومع اقترابكم من تقاطع طرق، يرتفع صوت التّوجيه أكثر. وإذا كنتم تكرهون الصوت المحيط الصادر عن 36 مكبّر صوت يضمّها النظام، فيمكنكم إسكاته والاعتماد بدلاً منه على الشاشة العريضة (16.9 بوصة) العالية الدقّة المتوفّرة في نظام المعلومات والترفيه.
ويضمّ نظام الملاحة أيضاً شاشة إضافية لعرض توجيهات الطرقات مثبّتة على زجاج السيّارة الأمامي، ويزوّدكم بخريطة عالية الدقّة ويعرض لكم صوراً للافتات المرورية في التقاطعات الأساسية. كما يتيح لكم اختيار تقنية الواقع المعزّز المتوفّرة للحصول على صورة مع خريطة مفصّلة للطريق الذي ستسلكونه.
عند اختيار الوجهة، وعند الوصول، يزوّدكم النظام بصورٍ لتعرفوا ما الذي تبحثون عنه، فضلاً عن أنّه قد يطلعكم على تفاصيل المنطقة المحيطة.
يستعين النظام بهذه الصور من برنامج «غوغل ستريت فيو» الذي يضمّ ملايين الصور البانورامية الصادرة عن أعمال الشركة نفسها ومساهمات الأشخاص العاديين بواسطة كاميراتهم. تعتمد معظم أنظمة الملاحة المدمجة في السيّارات على خدمات غوغل الخاصة بالخرائط والتصوير ومنها نظام الملاحة الخاص بشركة تيسلا الذي يزوّد مستخدمه بصور جويّة مصدرها برنامج «غوغل إيرث» عبر شاشته (17 بوصة).
تقدّم العلامات التجارية الكبرى في عالم صناعة السيّارات كتيسلا ومرسيدس بنز وكاديلاك أنظمة ملاحة غنية بالخصائص ولكن هذا لا يعني أنّكم يجب أن تنفقوا مئات آلاف الدولارات للحصول على إرشادات جي بي إس.
تنوع الخيارات
في سياق متصل، كشفت أحدث تقارير جمعية «كونسيومر ريبوتس» أنّ نظام الملاحة «يو كونبكت» Uconnect من كرايسلر يحظى بإعجاب كبير من السائقين ومالكي السيّارات.
على سبيل المثال، ففي سيّارة «جيب شيروكي»، يمكن للسائق أن يشغّل نظام «يو كونبكت» بسهولة من خلال النطق بالعنوان المستهدف. يستخدم هذا النظام أجهزة استشعار لمساعدة الـ«جي بي إس». في أماكن معيّنة كالأنفاق ومرائب ركن السيّارات قد يخسر فيها اتصاله بالأقمار الصناعية. وأيضاً، تقدّم سيّارة «فورد بونكو 2021» المصممة لاستكشاف ما هو أبعد من نهاية الطريق، نظام «سينك 4» SYNC 4 للملاحة على شاشة بمقاس 12 بوصة في الموديلات التي يبدأ سعرها من 40 ألف دولار. يساعد هذا النظام الملاحي المدعوم بتقنية «جي بي إس». السائقين في العثور على أصعب الطرقات وأكثرها تعقيداً ويقدّم مشاهد مصوّرة بواسطة الكاميرا للأشخاص الذين يرغبون بالتجوّل في الطرقات الجبلية الوعرة.
تاريخ حافل
وصلت أنظمة الملاحة المدمجة في السيّارات إلى مرحلة من التقدّم المبهر في السنوات الأخيرة، ولكنّ النماذج الأولى منها كانت متواضعة جداً. ففي عام 1981 طوّرت شركات هوندا و«ستانلي إلكتريك» و«ألبين» نظام «جيرو – كاتور» الذي يستخدم جيروسكوبا (أداة لتحديد الاتجاهات) لرسم خرائط جامدة وشفّافة لتقديم رسمٍ للطريق على شاشة مضيئة. بيع هذا النظام في اليابان فقط وزاد على سعر السيّارة التي دخل في تصميمها مبلغ 1750 دولارا مقدّماً أداءً لا بأس به. وأثبت هذا النظام أنّ توفّر نقطة البداية والسرعة والوجهة يتيح احتساب المسافة حتّى الموقع المطلوب وهذا ما دفع المهندسين إلى تسميته بنظام تقدير الموضع.
وتبع هذا النظام أنظمة أخرى لتقدير الموضع اعتمد بعضها على الخرائط الرقمية المحفوظة على أشرطة أو غيرها من الوسائط إلّا أن هذا النوع من الأنظمة يفتقر إلى الدقّة وينطوي على احتمالات إخفاق كبيرة.
بعدها برز وتطوّر نظاما الـ«جي بي إس». والملاحة وظهر أوّل نظام مدمج بينهما في شركة مصنّعة للسيارات عام 1990 في سيّارة «مازدا أونوس كوزمو» التي توفّرت في اليابان، ثمّ تبعتها شركة جنرال موتورز عام 1992 بنظام أدخلته إلى السيّارات المصممة للإيجار فقط.
وفي 1995، أصبح نظام الجي بي إس الملاحي خياراً يمكن إضافته على سيّارات «أولدس موبايل 88». كان هذا النظام يعتمد على خرائط محفوظة على خراطيش وتمّ بيعه للمرّة الأولى مزوّداً بخرائط للاس فيغاس وكاليفورنيا فقط، وبعدها تمّت إضافة خراطيش أخرى.
عمد صانعو السيّارات إلى إضافة أنظمة الـ«جي بي إس». الملاحية إلى الموديلات الفاخرة تدريجياً ولكنّ وكالات صناعة قطع وإكسسوارات السيّارات تمكّنت من الاستحواذ على الفكرة. قدّمت شركة «ألبين» نظاماً يستخدم قرصاً مدمجاً مخزّناً للخرائط عام 1997 ومن ثمّ لحقت بها شركة «غارمين» عام 1998.
تعود جذور تقنية الـ«جي بي إس». إلى عام 1842 عندما قدّم عالم الفيزياء النمساوي كريستيان أندرياس دوبلر وصفاً لتأثير الحركة على تردّدات الموجات الصوتية. يظهر هذا المبدأ الذي يعرف بتأثير دوبلر بوضوح في صافرة القطار المقبل: عندما يقترب القطار من النّاس، يصل عدد أكبر من الموجات الصوتية إلى أذنهم فيزيد الاهتزاز، ومع ابتعاده، يتراجع الاهتزاز.
وفي أواخر الخمسينات، أي أيّام القمر الروسي سبوتنيك الحماسية، أثبت العلماء أنّه يمكن تعقّب قمرٍ صناعي يدور حول الأرض من خلال بثّ إرسال موجات صغرى باتجاهه ومراقبة تأثير حركتها على تردّد الإرسال في طريق عودته.
في أواسط الستينات، احتاجت البحرية الأميركية إلى تعقّب الغواصات التي تحمل أسلحة نووية، فاستخدم علماؤها ستّة أقمار صناعية تدور حول الأرض ووجدوا أنّهم يستطيعون مراقبة التغيّرات وفقاً لتأثير دوبلر عند بثّ الغواصات لموجات لاسلكية باتجاه الأقمار الصناعية، ما سمح لهم بتحديد مواقع الغواصات حسابياً.
طوّرت وزارة الدفاع هذه الفكرة في أوائل السبعينات عندما بدأت بتصميم نظام ملاحة دقيق يعتمد على الأقمار الصناعية. أطلق أوّل نظام ملاحي مدعوم بقمر صناعي يحدّد التوقيت والنطاق يحمل اسم «نافستار» عام 1978، بينما دخلت أوّل مجموعة كاملة مؤلّفة من 24 قمرا صناعيا من نوع «نافستار» حيّز التشغيل عام 1993.
في الماضي، تتبّعت تقنية الـ«جي بي إس». الغواصات وها هي اليوم تتحوّل إلى أنظمة أقوى بكثير تقدّم المساعدة للأفراد للعثور على أفضل المطاعم.
* خدمة «نيويورك تايمز»
[ad_2]
Source link