[ad_1]
وكذلك الاختلاف في القدرات والصفات والعادات والإمكانيات. إن هذه الاختلافات هي التي تُميز الإنسان، وتلون وتشكل التراث البشري بهذه الفسيفساء الجميلة المتناسقة.
قال الله تعالى: (ولَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ).
من الطبيعي أن يكون لكل إنسان مرئياته وقناعته ومعتقداته، وأن يكون هناك اختلاف في الألوان والأعراق، لكن عندما تُوظف هذه القناعات الطائفية والقبلية، أو الفكر لقمع المخالف وقهره أو التسلط عليه، فذلك ليس اختلافاً بل اعتداء وتسلط وقهر.
ومن المُلاحظ أن الثقافة التي سيطرت على فكر الأمة أصّلت في الأغلبية لفكر التسلط والتحكم في الغير انطلاقاً من المفهوم الديني للجماعة أو المذهب؛ حيث إن الأغلبية في كل مذهب تجعل نفسها هي الخصم والحكم. إن هذا الطغيان والتسلط على الغير بالقوة إفراز وإنتاج طبيعي لثقافة تأصلت وترسخت عبر السنين.
إن التفسير الشخصي والفهم الشخصي لنص ووضع المبررات والتأصيل لنظرية أو لفهم وفكر معين لا يجعل هذا الفكر صواباً ولا فكراً مقدساً غير قابل للنقد والتمحيص والتفكير والمراجعة.
ومحاولة بعض المذاهب والفئات إيجاد ثوابت وخطوط حمراء لا يجوز تجاوزها، ما هو إلا وسيلة لقهر الرأي الآخر وفرض الفكر البشري بالقوة، والتسلط على عباد الله.
كيف يكون الاختلاف رحمة؟ عندما نستوعب كما قال صديقي الدكتور عبدالله الخطيب مدى حاجتنا «إلى هذا الآخر لمعرفة ذواتنا ولغتنا وآلامنا وجمالياتنا…». متذكراً قول الرائع تزفيتان تودورف «معرفة الآخر ليست إحدى السبل لمعرفة الذات بل هي السبيل الوحيد».
كما أن الفيلسوف جيل دولوز في كتابه «الاختلاف والتكرار» اجتاز «أفقاً آخر للفكر والفلسفة؛ إنّه أفق الاختلاف والترحال والخروج وعدم مراوحة الفكر نفسه الذي عهده التقليد الفلسفي الغربي».
الاختلاف رحمة عندما يكون جزءاً من فلسفة الحياة التي تُمكننا من الخروج على تاريخ الفلسفة الرسمية والنسقية التقليدية، ومراجعة التصورات والمفاهيم التقليدية، وقلب النظر فيها على جهة الاختلاف والتباين، وليس التشابه والهوية والثبات.
الاختلاف أعمق بكثير من ما جرى التطرق إليه في الفكر الكلاسيكي التقليدي؛ فالاختلاف ضرورة لمعرفة الذات والتحليق إلى آفاق بعيدة عن منطق الهُوية والتطابق وعدم التناقض.
[ad_2]
Source link