[ad_1]
لعل كثافة الصناعة في العديد من الدول ساهمت في تحول العالم لبؤرة تنطلق من خلالها جميع الانبعاثات الضارة بكافة صورها وأشكالها وأدت إلى ظهور مشاكل عالمية خاصة بالمناخ، وهي المشاكل التي بدأت مؤخراً تثير قلقاً عارماً لدى الجميع حتى من غير المهتمين بالقضايا البيئية، كونها أدت إلى ظهور مشكلة مناخية مهمة تتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري، التي نتج عنها الكثير من المشكلات الفرعية الخطيرة كارتفاع منسوب البحر نتيجة لارتفاع درجة الحرارة وذوبان الجليد من قطبي الكرة الأرضية.
اتجه العالم بقوة خلال العقود الأخيرة لمحاولة حل المشكلات البيئية وتوجيه الأنظار بشدة للأضرار الناجمة عنها، التي أضحت تؤثر على العالم بأجمعه وليس داخل نطاق محدد أو دولة بعينها، وانطلقت مئات المبادرات والمساعي والجهود الحثيثة لتوعية الحكومات بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة الأخطار البيئية قبل استفحالها، وغدت الدول الصناعية الكبرى تتسابق لوضع التشريعات والإجراءات اللازمة لاحتواء الأزمات البيئية، وأصبح الاهتمام بالبيئة إحدى العلامات البارزة التي تميز الدول الصناعية المتقدمة التي تشغلها تلك المشكلة على وجه الخصوص، بينما ظلت الدول الأقل تقدماً غير مهتمة بصورة ملحوظة بتلك المبادرات على نحو جوهري.
وقد اهتم برنامج التحول الوطني برؤيته 2030 على تحقيق الرخاء والتنمية المستدامة من خلال الكثير من المحاور، فبخلاف محاور تقليل الاعتماد على النفط وتوطين الصناعات والتكنولوجيا وسعودة الوظائف وتأسيس قطاعات اقتصادية جديدة سواء كانت داعمة أو مستقلة عن القطاعات الحالية، تهتم رؤية 2030 بصورة أساسية أيضاً بمحور البيئة، وتولي أهمية خاصة لتحويل المجتمع السعودي خلال فترة زمنية وجيزة لمجتمع صديق للبيئة، وكل ذلك من خلال طرح مشروعات مدروسة وواقعية ولها أهداف واستراتيجيات ومراحل واضحة ومحددة، وقد تم بالفعل الانتهاء من مراحل عديدة منها، والانخراط بقوة في تطبيق الكثير منها، فهي رؤية طموحة وواقعية وليست كما قد يعتقد البعض أنها مجرد مجموعة من المحاور النظرية التي قد تواجه صعوبات في تطبيقها.
المبادرة التي أطلقها الأمير الشاب محمد بن سلمان من أيام قليلة كاشفاً فيها عن نية المملكة زراعة مليارات الأشجار داخلها خلال العقود القادمة لم تكن غريبة أو مفاجئة أو غير متوقعة، فقد تم إطلاق العديد من المبادرات البيئية السابقة خلال الأعوام القليلة الماضية، والتي هدفت لحماية البيئة السعودية والحفاظ على مواردها الطبيعية، ومن الملاحظ أن المبادرة الأخيرة والتي تعد مساهمة من المملكة في برنامج التشجير العالمي والذي يستهدف زراعة ما يقرب من تريليون شجرة حول العالم، توضح كيف أصبحت المملكة منخرطة في الشأن العام العالمي، ولم تعد خارج الفكر الدولي الخاص بالدول الصناعية المتقدمة فحسب، بل أصبح الشأن البيئي أحد أهم أهدافها في الفترة الحالية، وبما أن المملكة أحد أهم القوى الاقتصادية في العالم وخاصة في مجال إنتاج النفط، فقد أصبحت واحدة من أكثر الدول اهتماماً بقضايا البيئة والمناخ أيضاً.
من المؤكد أن الطبيعة الجغرافية للمملكة ومناخها الصحراوي مثلا العامل الحاسم في انخفاض معدلات التشجير وصعوبة زرع مساحات خضراء تغطي غالبية المناطق المأهولة فيها، غير أنه من المؤكد أن الدول التي باتت تثبت أقدامها بقوة في عالم التقنيات الزراعية والصناعية الحديثة مثل المملكة، أمكنها إيجاد العديد من الحلول لتلك المشكلات، والتغلب على مثل هذه العقبات، وقد تم طرح الكثير من الحلول التي تخاطب هذه التحديات؛ مثل التوسع في زراعة الأشجار المحلية القابلة للنمو داخل المملكة لقدرتها على تحمل المناخ المحلي، والاستعانة بأنواع عديدة من التقنيات الزراعية الحديثة التي تساعد على زراعة أنواع مختلفة من النباتات القادرة على النمو داخل البيئة السعودية.
من المؤكد أن مزايا هذه المبادرة تتجاوز الحيز المحدود هنا، غير أن أهم ما فيها هو أن تحقيق تلك المبادرة يتقاطع مع الاهتمام الاستراتيجي بقطاع السياحة سواء كانت داخلية أو خارجية، فمن المؤكد أن زيادة الرقعة الخضراء بالمملكة ستعزز من معدلات إقبال السائحين على زيارتها، كما أنها ستعزز السياحة الداخلية كون المواطنين يتلهفون بالفعل لقضاء أوقات إجازاتهم حتى الأسبوعية منها في الحدائق العامة الخضراء من أجل الاستمتاع بالجو الطبيعي النقي، فلهذه المبادرة أبعاد استراتيجية بيئية اجتماعية سياحية اقتصادية متشابكة، تهدف لتحقيق التنمية المستدامة بالمملكة مع الحفاظ على مواردها الطبيعية.
[ad_2]
Source link