مـا ضيَّعـنا إلا الشلليـة

مـا ضيَّعـنا إلا الشلليـة

[ad_1]

مـا ضيَّعـنا إلا الشلليـة

أحمد عجبالرياض

حين كنا صغارًا نجري خلف الكرة، أو نتبادل المقالب بالفصل بين الحصص، أو نتسامر على شبَّة النار وأضواء القمر، كانت البراءة ـ رغم صخبنا ـ تغلف أجواءنا، كان كل همنا الحفاظ على لمة (الشلة)، وقضاء أجمل الأوقات معًا، لم نكن نسعى لمنافع شخصية، أو نضمر الشر لأحد. واليوم بعد أن كبرنا تغيرت قواعد اللعبة، وتوسط لفظ (شلة) حرفا الأنا العظمى (لي)؛ لتصبح (شللية)، كل همها: كيف تستحوذ، كيف (تجير) المكاسب والمناصب لها، كيف تقصي كل من يعترض طريقها؟!

ما ضيَّع الجرائد الورقية إلا الشللية: ما إن يُنصَّب رئيس التحرير حتى يبدأ رحلة الحفاظ على كرسيه باجتماع صباحي يستعرض فيه هيمنته وسطوته، يتوعد مديري التحرير، يقصي آراء الكُتّاب المعتدلين، يسرّح غالبية الصحفيين والمحررين؛ حتى يخلو له الجو؛ فيستقطب أصدقاءه العاطلين، وتدور الطبعة الجديدة بمانشيت عريض: معًا ضد الواسطة والمحسوبية!

ما ضيَّع الأندية الراقية إلا الشللية: ما إن يبدأ الموسم الرياضي حتى يبدأ ترشيحه للمنافسة نظرًا للأسماء التي تضمها تشكيلته، سواء النجوم المحترفون أو المحليون، لكن اهتمامهم بالنواحي الإدارية أكثر من المهارة الفنية على أرض الملعب عصف بمستوياتهم، فأصبحوا يلعبون بألسنتهم أكثر من أقدامهم، حتى تذيلوا سُلّم الترتيب، وبدلاً من المنافسة باتوا يصارعون على الهبوط!

ما ضيَّع الشركات التجارية إلا الشللية: ما إن تتعرض لخسارة عرضية حتى تلتف حول الرئيس التنفيذي البطانة الفاسدة، التي تختار مستشارًا ماليًّا أجنبيًّا، تملي عليه خططها المتمثلة في تسريح الكفاءات الوطنية التي يُفترض أن تعوِّل عليها الشركة حتى تعاود الوقوف على رِجلها، لكن البطانة تريد أن تصطاد أيضًا بالمياه العكرة، محتمية خلف شعار (الترشيد للمصلحة العامة)!

ما ضيَّع الدراما الرمضانية إلا الشللية: ما إن يبدأ الشهر الفضيل حتى يبدأ ذلك المسلسل (كلاكيت 20 مرة) مع تغيير اسمه، وبقاء المنتج والمخرج والبطل والمؤلف والممثلين أنفسهم، المواقف والأفيهات الكوميدية نفسها، نفس القصة والابتذال والسخف تقريبًا مع استغلال وقت الذروة، واستضافة مغنية لا علاقة لها بالتمثيل عدا أنها جميلة (وفلاوية).. كل هذا على حساب المواهب الحقيقية الأكثر عمقًا وفاعلية.. وتتوالى الحلقات المنفصلة والتناقضات العجيبة بعرض حلقة تعالج: كرسي المسؤول الديناصوري!

اليوم حتى الشلة (خاصة شلل البنات أو الشبان المدللين)، التي نراها بأزياء وقصات شَعْر غربية حول المقاهي والميادين العامة، لم تعد بريئة؛ هناك تيار غير محافِظ يحاول استغلالهم، وإرسال رسائله المنفتحة للمجتمع من أجل إغوائه وسلخه من هويته. اليوم وأنت ترى حجم الإصلاحات الإيجابية التي تبذلها الحكومة تجد في المقابل مَن يحاول الانحراف بها عن الطريق الصحيح، مَن يحاول إيصالنا إلى (الطريق المنحدر)؛ لنقف حينها عاجزين، نتبادل النظرات المذهولة التي تقول بصمت: ما ضيَّعنا إلا الشللية!!



[ad_2]

Source link

Leave a Reply