[ad_1]
يمثّل أحمد الدويحي ومعه كتّاب قليلون من جيله أنموذجاً في تكامل الإبداع بين جيل وآخر، فتراه يكتب عن هذا وذاك، ويقتنص اللحظات ليشيد بعمل هنا وعمل هناك.
المحبون الذين يعرفون الدويحي عن قرب يؤكدون أنّه تجاوز العقدة التي توقف عندها مبدعون سعوديون كثيرون، وهي عقد الأجيال، لينطلق في فضاء النصّ ورحابة الإبداع، مقتنعاً بأنّ النصّ الذي ولد في زمن سابق وكان قادراً على البقاء، يمكن لنصّ آخر مثله في هذا الزمن أن يحدث أثراً ويبقى.
لا يختلف الدويحي عن كتّاب سعوديين كانت القرية هاجساً كبيراً في الكتابة، لكنّه يصرّ على أنّ الرواية ابنة المدينة، وأنّ المشهد الثقافي يكرّر ذاته منذ سنوات… الكثير مما قاله الروائي صاحب تسع روايات والقاصّ صاحب ثلاث مجموعات قصصيّة في هذا الحوار:
• هل مازلنا نتفنن في مصادرة بعضنا البعض؟
•• المصادرة قد تكون مفردة مؤدبة، ولا بد أن ندرك أن التهميش، والإقصاء، والإلغاء، مفردات وأفعال حية في المشاهد الأدبية والفنية العربية، تلك سمات لا ننفرد بها وحدنا، ولكنها تعيش في البيئات الثقافية والمجتمعية على السواء، ولها عناوين وخلفيات متنوعة، طبعاً – ندهش إذا لمسنا وجودها في الحياة الثقافية، ولكننا لم نصل إلى مرحلة الكمال، لنرى كل ما حولنا مثالياً، فالصراعات التي تنشأ، ليست مبنية على فهم عميق، يتمثل رؤية شمولية لواقع ما، ولكنه فهم سطحي، وخوف من المزاحمة على فرصة، وخلل بنيوي لا يعتبر التنوع ثراء، ولا يتح للمبدع أياً كان موقعه ونوع عطائه، لينتج في بيئة صالحة، ويضيف لمجتمعه ولذاته، كل هذا الخلل جعلنا نرى عقولا عربية مهاجرة، تفكر وتبدع وتنتج خارج مجتمعاتها العربية، وفي الواقع الثقافي والأدبي المحلي، حتماً تلك الممارسات القميئة، تجد لها حضوراً شاسعاً ومتمدداً ومتلوناً، ولكن المبدع الحقيقي لا بد له من مداراة الواقع، ولست ممن يحرّضون على مجابهته، فقد يخسر المبدع كثيراً، ويفقد شيئاً من طاقته الإيجابية، ويخسر من يظن أنه رسول، ومعني بإصلاح من حوله لئلا ندخل في مسألة، من يؤثر في الآخر المبدع أم المجتمع؟ فأولى به المحافظة على جمرته، لتظل مشتعلة متوهجة مضيئة، فالخيول الأصيلة ترقص على الأرض الصلبة.
• القصة لدينا، هل مازالت فناً عنيداً ومراوغاً بعد كل هذه التجارب؟
•• القصة القصيرة وتلك المرحلة الموغلة في الذاكرة، هذا الجنس الأدبي الأثير الممتع، المراوغ، الميال إلى التكثيف، الوامض في لغته، وزمانه، وشخوصه، الحميمي، الدافئ في دلالاته، لتشكِّل القصة القصيرة حضورا مدهشا في السبعينات والثمانينات الميلادية، وحظيت بطبيعتها كفن أدبي بمكانة ومتابعة، وحظي نتاج ما سُمي حينها بالجيل المؤسس بالمتابعة والقراءة والنقد، وينسب لهذا الجيل ما يمكن قوله، توطين هذا الجنس الأدبي في حضور الشعر كفن طاغ في بلادنا، وبالذات مع حضور حركة الحداثة الشعرية، وقد نحت في ميلها إلى التجديد فنياً، وتم استحضار دلالات، وأشكال، وبنى نصية، لا تنتمي إلى السائد من الكتابة التقليدية حينها.
أردت بهذا الكلام، توطئة ووفاء وتلويحة محبة إلى هذا الفن المبهج، وللتأكيد بأنه حل في المشهد الثقافي، ليكون جديراً بمزاحمة فن أثير آخر هو الشعر، فكلنا ينشأ الفتى منا يحسب شاعراً، فالذائقة والسليقة الحاضرة حينها، تشكل كينونة الفتى من مجالسنا وخطاباتنا، ليأتي هذا الفن الجديد، ويشكل له وجوداً فاتناً على الخارطة الثقافية، وبطبيعة الحال يجب ألا يستسهل أحد كتابتها، وستظل فناً لماحاً مدهشاً، فأنا على سبيل المثال بعد كل هذه التجارب، لا أجرؤ على كتابة ما يسمى (ق ق ج) حتى لو كانت لي محاولات، فالقصة القصيرة جداً هي أيضاً فن له شروطه، ولكن للأسف بتنا نشهد في ظل حضور وسائل التقنية الحديثة، كتابة تتجرأ على تقمص، وخوض كل الحقول الأدبية بلا دراية ولا معرفة.
• لدينا كتاب قصة تقليديون، ولدينا كتاب حداثيون، أيهما من وجهة نظرك كان أنضج في كتابتها؟
•• ما هي الكتابة التقليدية، وما هي الكتابة الحداثية؟ هل هي في الأسلوب، أو اللغة وطريقة التناول، أم هل هي في الفكر والرؤية؟
أسئلة كهذه ستقودنا حتما إلى ما نرغب في معرفته، ببساطة أستطيع الإجابة بصراحة عن أسئلة كهذه، وبلا تردد سأصطف إلى شريحة الكتابة الحداثية، ولكن الحداثة ليست في الكتابة بذاتها، ولكنها فعل حياتي بلا تجريد، وبالضرورة ستأتي الكتابة الحداثية، كفعل موازٍ لواقع الكاتب الحداثي وتجربته، والفن لا يعرف هذه التصنيفات، فإما أن يكون فناً رديئاً أو فناً رفيعاً، فالقصيدة العمودية لم تغادر حياتنا الأدبية، بعد حضور القصيدة الحديثة والأخرى النثرية، والعالم ما زال يستمتع بالفنون الكلاسيكية في كل الحقول، كتاب قصة تقليديون يكتبونها كأجمل ما يكون، وكتاب قصة حداثيون يشعرونك بالملل، وتشيح بوجهك عن النص، وكأنك تميط شيئاً عبث بذائقتك، الفن المبهج هو من يصنف ذاته.
• لماذا كتبت القصة؟
•• الله.. المريض لا يشخص حاله، والفنان لا يسأل عن فعله، أجدني بهذا الاستهلال، أقرب إلى مقاربة السؤال. لم أكتب القصة لأنها الفن السائد حينها، ولم أكتبها لأنها ربيبة الشعر الفن الأثير، كتبت القصة بلغة شعرية مكثفة وجمل قصيرة، كتبتها لأنها تعبر عن حالتي النفسية والشعورية، كتبت مجموعة قصصية أولى ولم تطبع، ضاعت نصوصها بين أيدي الأصدقاء، وكتب عنها أحد الأصدقاء النقاد (محمد السلاوي) دراسة، نشرت في مجلة أوراق الإماراتية، والمجموعة لم تر النور، فكتبت نصوص مجموعة البديل. هذا سؤال موجع، لكنه ليس أشد وجعاً من تحريض، دفعني لكي أكتب القصة، فقد غادرت القرية الجنوبية فتى يافعاً، ولكن القرية لم تغادرني في الغربة، فكلما ضاقت بي مدينة كالرياض، كانت القرية تفتح لي ذراعيها، وتزورني أصوات شخوصها في منامي وصحوي، وأتخيل حقولها وجبالها ومساربها وأسواقها، الصدمة التي واجهتني، وبليت بها في المدينة لم تكن هينة، ولست وحيداً في هذا السياق، فقد جاءت نصوص كثيرة لغيري، تعبرُ عن مفردات التحولات القاسية، ونصوص كتّاب تلك المرحلة، تجسيد فضاء حالات مأزومة، كالضياع، والغربة، والحرمان، والرحيل، والاستلاب، والشتات، والسفر، وصدمة المدينة، والجنون، ورسم صور الفوارق، والهوة المجتمعية الكبيرة، لتشكّل علامات لفضاء النصوص في تلك المرحلة، و حضور الفضاء والبيئات المجتمعية لتلك النصوص.
باختصار: لو لم أكتب تلك المجموعة في حينها لمسني الجنون، فقد شعرت أنني أفرغت حمولتي القروية على الورق، وصرت أتعايش معها، أمشي وآكل وأشرب وأتكلم معها، وثيمة الموت والجنون ظلت تلازمني، وتجعلني أحتشد قبل كتابة أي نص إلى اليوم.
• هل بالفعل هربت من كتابة القصة إلى الرواية، لأن كتابتك القصصية كانت مترهلة ؟
•• المبدع الذي لا يكتشف ذاته، ويعرف قيمته وقدراته، ليس جديراً بأن يكتشف ما حوله، الرواية كانت نصب عيني منذ البداية، سمعت هذا الكلام من أصدقاء حميمين، ولكن ما هو الترهل؟ هو التفاصيل الزائدة في نص قصصي قصير لا يحتملها، وكنت أشعر ببعض الترهل، فلم يكن ذهابي إلى الرواية هروباً، بل كانت حاجة فنية ضرورية.
كتبت بعد مجموعة البديل مباشرة، رواية ريحانة ومعها مجموعة (قالت فجرها) القصصية، ولم أعد إلى القصة القصيرة أكثر من عقدين من الزمن، فقد وجدت غايتي التي تروق لي في فضاء الرواية، لأنها فضاء شاسع مكانياً وزمانياً، والغريب أنني بعد كل هذه التجارب، أصدرت منذ عامين مجموعة قصصية، ووسمتها بــ(تفاصيل صغيرة لفضاء شاسع)!، وهي المجموعة الثالثة قصصياً، وتخيل أن كل نصوصها مستوحاة من فضاء القرية، وكأني أكفّرُ عن رحلة الغياب الطويلة عن القرية، وليس عن فن القصة القصيرة.
• ماذا عن تجربتك الروائية الأولى (ريحانة)، كيف استقبلتها الساحة الثقافية، وكيف تنظر إليها اليوم بعد تسع روايات؟
•• (ريحانة) هي إحدى بواكير الكتابة الروائية، تلازمت مع صدور روايتين لأصدقاء، الغصن اليتيم للدكتور ناصر الجاسم، ورائحة الفحم لعبد العزيز الصقعبي، هذه الروايات للتاريخ، صدرت قبل الانفجار الكتابي الروائي الكثيف للجنسين بعد الحادي عشر من سبتمبر، ولن أزعم بأنني كنت مغامراً وجريئاً، والكتابة الحقيقية طبعاً مغامرة، ولكنني أطلعت الصديق الناقد والشاعر المعروف أمجد ريان على مسودتها، ففوجئت به يصدرها من القاهرة، وهي العمل الوحيد الذي صدر لي من القاهرة، فليس معقولاً أن تبيع الماء في حارة السقائين كما يقول المثل.
• ثلاثية المكتوب مرة أخرى، هل ما زلت ترى أنها لم تقرأ بشكل جيد، ولم تنقد، ولم تعط حقها في الدراسات الأدبية والأكاديمية ؟
•• ثلاثية المكتوب مرة أخرى هي رواية الروائي، وهي رواية شاسعة وشمولية ورفيعة، رضي من رضي وغضب من غضب، هذا الكلام ربما يعتبره البعض غروراً، ولكنها ثقة عليمة بعالم الرواية والفضاء الروائي، وهي الرواية الثالثة في سياق تجربتي الكتابية، وأدرك ماذا كتبت بمعرفة تراكمية وتجريب واسع، أقول هذا الكلام، وأذكر أنني استشهدت في ورقة ندوة للحديث عن تجربتي، بدراسة للدكتورة أسماء الزهراني وهي صاحبة مقولة رواية الروائي، وأنا أتفق معها تماماً في تصنيفها وقولها، ولكن للآسف وجدت من يحتج، وليتهم كانوا يعلمون أنهم بالذات من أبطال الرواية، حينما كنا نلتقي في جماعة السرد.
حظي أنا كان سيئاً مع هذه الرواية، لأنها مع رواية مدن الدخان طبعت في دار الكنوز الأدبية، وهي دار كانت لناشر بحريني، ولكنها بعد رحيله تنقلت إلى أكثر من ناشر حتى توقفت، وللأسف الدار كانت ممنوعة من المشاركة في معرض الكتاب بالرياض بسبب كتاب سعودي، وقد انتهت نسخ الطبعة الأولى للرواية قبل خمس سنوات، ووجدت حرجاً شديداً من الباحثين والقراء الذين يطلبونها، لأنني لم أعد أملك نسخاً، واضطررت إلى أخذ نسخة صديقي الشاعر محمد خضر، لإرسالها إلى باحثة لدرجة الدكتوراه في جدة، واضطررت إلى طباعة ثانية PDF في الرياض حتى تكون في حوزة من يرغب في قراءة الرواية.
الرواية -ولله الحمد- حظيت بقبول ومتابعة ودراسات علمية، فقد كانت خياراً للدكتورة انشراح سعدي لنيل درجة الدكتوراه في جامعة الجزائر، ونالت الأستاذة هند داود الشقير درجة الماجستير بدراستها الخطاب السردي في ثلاثية المكتوب مرة أخرى، والدراسة صادرة عن نادي نجران الأدبي، وهناك من طلبها لدراستها لدرجات علمية أخرى، إذن فالرواية مطلوبة ومقروءة، واللبس هو في معاناتي أنا وليس الرواية.
• أنت ممن يرون أنّ لدينا مثقفين بلا مشهد ثقافي حي ومنتج، هل ما زلت عند هذه الرؤية؟
•• هذا سؤال يحتاج إلى جواب طويل ومتشعب، ولكن ببساطة نحن في مشهد يكرر ذاته، وبلا تجديد وبلا نوافذ ذات فاعلية، وبتوقف الجنادرية ومعرض الكتاب بالرياض يصبح المشهد أرضاً يباباً، ومهما كان أداء الأندية الأدبية، فإنّه محصور على فعاليات نوعية، وممارسة لم تتغير منذ عرفنا الأندية، وهي ما زالت نائمة على أسماء منذ تجربة الانتخابات اليتيمة. في دول العالم المبدع يجد رعاية وتفرغا لينتج، والمبدع لدينا يرعى ذاته من البداية إلى النهاية، وقد يصرف على نتاجه بالطباعة والنشر والتوزيع، ولنا أمل كبير في استراتيجيات وبرامج وزارة الثقافة مستقبلاً.
• إذا لم تكن رواية عبده خال (ترمي بشرر) الفائزة بجائزة البوكر العربية في نظرك أجمل ما أنتج فأي أعماله الروائية ترشح؟ ولماذا؟
•• أشعر أن هذا السؤال غير بريء.. أبو وشل مبدع رفيع وصديق قديم، قد أفاجئك إذا قلت إنني لم أقرأ روايته ترمي بشرر، ولكني قرأت كل أعماله القصصية، وقرأت روايتي الطين ونباح، وأنا أحببت رواية نباح بالذات، رواية فاتنة وذات موضوع مسنا بقوة، وما زالت أحداثها تسكنني، ولكن لن أكشف سراً، إذا قلت إنني وعبده كنا نتواصل قبل صدورها، وكنت قد كتبت سلسلة كتابية عن رحلة لي إلى اليمن، ووسمتها حينها بــ(أرض الجنتين) وأعجبته، وكان يسأل بدقة عن تفاصيلها، ولكن عبده فنان أصيل وموهوب حقيقي، اجترح له عالم روايته واختلق شخوصها من لحمة الواقع، وأظن أن عبده وحده هو من يعرف سنام أعماله، وتابعته في ندوه مؤخراً في جامعة اليمامة كرسي الدكتور القصيبي، وكأنه يقول إنّ ترمي بشرر ليست روايته المفضلة.
وبالمناسبة روايتي (منابت العشق) لها نبوءة، ويتمدد الفضاء الروائي لها إلى أرض اليمن.
• لماذا أخذت روايات بعض العرب الذين عاشوا بيننا وكتبوا أعمالهم الروائية الأولى من واقعنا المحلي شهرة وحضوراً وجوائز، رغم تواضعها الفني أكثر مما أخذته روايات محلية كانت أكثر فنية؟
•• كلام صحيح.. قرأت كل تلك الروايات، بداية من رواية يحيى يخلف نجران تحت الصفر، ومسك الغزال لحنان الشيخ، والبلدة الأخرى لإبراهيم عبد المجيد، وبراري الحمى لإبراهيم نصرالله وغيرهم، وأزيدك كما يقال من الشعر بيتاً، بأن هناك هنوداً وعمالة شرقية، وأخرى أوروبية وأمريكية، كتبوا يومياتهم ورواياتهم لما عاشوا بيننا، وحققت أعمالهم نجاحاً بغض النظر عن قيمتها الفنية، ويأتي السبب الأول، لأنهم كانوا بيننا يشاهدون عالماً وفضاء مجتمعيا مغلقاً، وبعضهم شهد لنا ممارسات فظيعة في السر، ولكننا نظهر في العلن بصورة مثالية وكأننا ملائكة، وتعلم أن من أولى مهمات السرد كشف المستور.
والسبب الثاني: أننا لم نكتب الرواية بشكلٍ مكثف إلا مؤخرا، وبالذات بعد الحادي عشر من سبتمبر ومن الجنسين، ومؤسف أن تكون بلادنا العظيمة وطناً بحجم قارة، تتنوع فيها الثقافات والفنون الثرية، وحققت نقلات حضارية وتنموية في كل المجالات والحقول، ولكننا نخشى من كتابة روائية تكشف مستورنا، لتحضر الرواية في مشهدنا الأدبي متأخرة، كآخر الفنون الكتابية بعد الشعر والقصة القصيرة، وقد كتبت في الدول المجاورة لنا قبلنا بسنوات، صحيح أنها كانت تكتب على خجلٍ، ولكن أبطالها ينتهي بهم المطاف، خارج الوطن باستثناء المشري والحميدان، والآن ننتظر بشغف فنونا كالسينما والمسرح، وهي فنون تولد بالضرورة من فضاء الرواية، وأتمنى ألاّ تتكرر الغلطة، ونجد من يلبس عباءة المنتج المستورد، فنبش الركام الروائي والقصصي كفيل بصناعة ثقافة بصرية للمسرح والسينما بشكلٍ رفيع.
• بعد أن قلت إن الرواية ابنة المدينة منذ سنوات عدة، اليوم تقول إن السرد في جوهرة أنثوي.. إلامَ تركن في إطلاق مثل هذه القناعات التي ربما تشكل قناعتك أنت ولا تشكل الحقيقية المبنية على دراسة وتتبع وحقائق وشواهد؟
•• الرواية بنت المدينة، كلام نقدي متعارف عليه، وليس من بنات أفكاري، وهو قول حقيقي ومنطقي أتفق معه، والرواية هذا الفن الشمولي الرفيع فعل تراكمي في الزمان والمكان، ولماذا لا نسأل لماذا أول ما صدرت الرواية لدينا من المدينتين المقدستين؟
وأيضا لن أتفلسف حول (أنثوية السرد) فهو ليس قولي، ولكني أتفق معه، ولست أذكر من أين استقيت هذه المعرفة، ولكني وجدت من يؤيدني من المعنيين بالسرد في شمال أفريقيا، فالمرأة لديها قدرة على امتصاص التفاصيل الصغيرة كـ(إسفنجة) لما حولها، وتأويلها و(ثرثرتها) وللسرد خاصية (الزعم) الكذب والمرأة لا تدانى، ولعلنا نتذكر شهرزاد سيدة ألف ليلة وليلة.
•هل ما زال أحمد الدويحي بعد كل هذه السنوات والأعمال يطبع أعماله القصصية والروائية على حسابه الشخصي، أم أنّ دور النشر تقوم بواجبها تجاه أعماله؟
•• ليس صحيحاً، من أين لك هذه المعلومة، وعلى ماذا بنيت سؤالك المدهش؟!
أصدرت ثلاثة مجاميع قصصية وتسع روايات، ولم أصدر أيّاً منها على حسابي الشخصي، فقط المجموعة القصصية الأولى (البديل) وقد صدرت عام 86م، كانت على حسابي بعد ما رفضت من ناديين أدبيين هما أبها والطائف، وقد تلقيت تقارير سرية، تبرر رفضها بحجة أنها سريالية، والسريالية مذهب أدبي، نشأ في أوروبا حينما كانت الجثث في الشوارع، ولا يحق لكاتب المجموعة في نظرهم اتباع هذا المذهب!
لم أكن أرغب في الإجابة عن سؤال كهذا، فالسؤال يعيدني إلى مقولة خاطئة كانت سائدة، تتهم دور النشر العربية بابتزاز الكاتب السعودي، ولكن أصحابها لم يسألوا أنفسهم عن غياب المؤسسات الثقافية السعودية، ولماذا تفرغت دور النشر المحلية والمطابع السعودية لمطاردة المناقصات في الدوائر الحكومية ونسيت الكتاب المحلي؟!عليك أن تطمئن يا صديقي، فأعمالي القصصية صدرت عن نادي القصة ونادي الباحة الأدبي، وأعمالي الروائية الأخيرة، تصدر عن دار الانتشار العربي بلا مقابل، والدار مشكورة تخصص لي عدداً من النسخ، أما رواية «غيوم امرأة استثنائية» فقد صدرت عن دار جداول، وأيضاً لم أدفع لهم ريالاً واحداً، ولكنها كانت محبة للصديق والزميل محمد السيف، مثلها كانت الروايتان الأوليان ثلاثية المكتوب مرة أخرى ومدن الدخان اللتان صدرتا عن دار الكنوز الأدبية بمعرفة الأستاذ عبد الرحمن النعيمي، وهو مثقف بحريني معروف رحمه الله، وقد أشرت إلى إعادة طباعتها PDF في سؤال سابق على حسابي للضرورة.
[ad_2]
Source link