[ad_1]
يتعين على الضحايا أن يواجهوا مساراً صعباً من الشك وسوء النية كي يؤكدوا أنهم تعرضوا لإساءات عنصرية
إذا كنت لاعباً لكرة القدم وتعرضت لإساءة عنصرية من منافسك أثناء قيامك بعملك، فماذا ستفعل؟ أعلم أنه يتعين عليك التفكير في الخطط الفنية والتكتيكية للمباراة وفي السيناريوهات المختلفة والخطوات التالية التي يتعين عليك اتخاذها. وأعلم أيضاً أنك قد تعرضت لهذه الإساءة العنصرية قبل ثوانٍ قليلة فقط وأنك غاضب ومستاء ومرتبك، لكن ما زالت هناك مباراة يتعين عليك التركيز فيها من أجل تحقيق الفوز.
من الواضح أنك سترغب في تقديم شكوى رسمية في أسرع وقت ممكن. لكن بالطبع لم يسمع الحكم أي شيء، والخصم يتظاهر بأنه «ملاك» ويتساءل بكل براءة: «مَن… أنا؟». لكن مهمتك الأولى تتمثل في أن تتذكر بالضبط الكلمات التي استخدمها المنافس في الإساءة إليك. فهل قال «قرد سخيف» أم «قرد أسود» أم «قرد» فقط؟ أعلم أن هذا أمر مروع، لكن من المهم للغاية أن تتذكر ما حدث بالضبط. وإذا فهمت الأمر بشكل خاطئ واعترفت بوجود أدنى قدر من الشك أو غيّرت روايتك ذرة واحدة، فلن يكون الأمر في صالحك على الإطلاق. وفي غضون بضعة أشهر، سوف يوجهك محامٍ يتكلم بسلاسة إلى لجنة تأديبية تابعة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لكي تقول ما حدث مرة أخرى بالتفصيل.
وبعد ذلك، يتعين عليك التأكد من الإبلاغ عن الحادث في ذلك الوقت وأن تجمع الشهود، وإلا فسيتم اتهامك باختلاق هذه القصة وبأن الأمر لا أساس له من الصحة. وتذكر أنه يتعين عليك أن تظهر أكبر قدر ممكن من الغضب، وإلا سيفترض الناس أنك لست غاضباً بما يكفي وأنك مخطئ ومثير للمشاكل وكاذب.
وبمجرد الإعلان عن هذا الأمر على الملأ، سيتعين عليك أن تتحلى برباطة الجأش، لأنك ستضطر إلى حكاية ما حدث خلال تلك الثواني المؤلمة مراراً وتكراراً، وسيتم وضع روايتك قيد التمحيص والمراجعة لمعرفة ما إذا كان هناك أي تعارض في روايتك مع الروايات السابقة. وسيتم جر سمعتك ودوافعك إلى الوحل، وستتعرض للإساءة مرة أخرى، وهذه المرة من أشخاص مجهولين (على وسائل التواصل الاجتماعي). ورغم كل الدعم والتشجيع الذي ستتلقاه أيضاً، فإن القضية برمتها ستترك مذاقاً مراً في حلقك، وبالتالي ستكون لديك رغبة في أن تختفي هذه المشكلة برمتها حتى تعود إلى تركيزك الأساسي وهو لعب كرة القدم.
وبحلول موعد جلسة الاستماع، سيبدأ آخرون في التشكيك في روايتك، رغم أنهم لم يكونوا موجودين في المشهد من الأساس. أما اللاعب الذي أساء إليك فسيستعين بعدد من الشهود للدفاع عن شرفه وسمعته. وسيؤكد أفراد لجنة الاستماع أنه لو قال هذا اللاعب هذه العبارات بالفعل فإنه سيكون عنصرياً! لكنه ليس عنصرياً، وبالتالي لا يمكنه قول ذلك! وفي نهاية المطاف، سيقال لك إنه لا يمكنك إثبات أن هذا اللاعب قد قال هذه الكلمات بالفعل، وبالتالي لا يمكن فعل أي شيء آخر.
إن السبب في سرد هذه العملية بهذه الطريقة وبهذه التفاصيل القاسية هو أنه لا تزال هناك مجموعة كبيرة من الآراء التي تقنع الناس بوضع أنفسهم في هذا الموقف المثير للضحك والسخرية. وقد حدث ذلك مرة أخرى في الآونة الأخيرة، بعد أن اتهم لاعب خط وسط رينجرز الاسكتلندي، غلين كامارا، لاعب سلافيا براغ التشيكي، أوندريج كوديلا، بتوجيه عبارات عنصرية إليه خلال المباراة التي جمعت الفريقين في إطار منافسات الدوري الأوروبي مؤخراً.
ونفى كوديلا الاتهام، بينما سينظر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) في الأمر في الوقت المناسب! ومع ذلك، فإن ما حدث مع كامارا بالفعل هو تذكير لنا جميعاً بالعقبات التي يعاني منها جميع ضحايا الانتهاكات العنصرية: التعتيم وسرد روايات تناقض الرواية التي يقولها الضحية، وهو نظام يبدو أنه تم تزويره بالكامل ضد الضحية لصالح المتهم.
لقد اكتشفت هذا على نطاق أصغر بكثير منذ بضع سنوات فقط، عندما وجّه صحافي إنجليزي عبارات عنصرية لي في المنطقة المخصصة للصحافيين في ملعب سيدني للكريكيت. أو، بشكل أكثر تحديداً، في ممر بالقرب من المنطقة المخصصة للصحافيين، وأدركت الآن أن هذه التفاصيل لم تكن مصادفة. لقد نفى هذا الصحافي الكبير في السن بشكل قاطع أنه قد تفوه بأي كلمة من الكلمات التي قالها قبل ثماني ثوانٍ تقريباً، بينما كانت عيناه تلمعان مثل الشيطان، بينما كنت أدرك أنا أنه لا يمكنني إثبات أنه قد وجّه لي عبارات عنصرية.
وفي النهاية، أفلت هذا الصحافي من العقاب. لقد تقدمت بعدد من الشكاوى، وعُقدت لجان وقمم لدراسة تلك القضية الخطيرة، وتم فحص روايتي للأحداث بتركيز شديد. وجرى طرح عدد من الأسئلة من قبيل: هل أحمل ضغينة ضده؟ وهل استفزته حتى يقول ذلك؟ وهل كان بإمكاني سماع شيء آخر؟ أما الجاني فلم يكن عليه القيام بأي شيء سوى إنكار ما نُسب إليه! وبالتالي، انتهت القضية تماماً من الناحية القانونية!
وعندما ستنظر إلى ذلك، ستدرك على الفور الأسباب التي تجعل العديد من أعمال الانتهاكات الشخصية – العنصرية والتحرش والاعتداء الجنسي – تمر بلا عقاب. لقد تلقى كامارا الكثير من الدعم، لكنه واجه أيضاً قدراً كبيراً من الشك والعداء الصريح من مشجعي الفريق المنافس. وكما كان الحال مع الكثيرين من قبله، تم اتهامه باختلاق القضية بأكملها. ويتعين علينا أن نتذكر أن هذا كان حادثاً ميدانياً تم تصويره على الهواء مباشرة على شاشات التلفزيون، وبالتالي هل نتخيل صعوبة إثبات اتهام مماثل في مباراة لكرة القدم في دوريات الهواة، أو في غرفة خلع الملابس، أو في غرفة اجتماعات؟
إننا نعلم جميعاً أن الإساءة العنصرية مشكلة شائعة وواسعة الانتشار. وعلى العكس من ذلك، لا توجد أدلة كثيرة على وجود اتهامات كاذبة أو خبيثة بشأن التعرض للعنصرية على النطاق نفسه. ومع ذلك، يُطلب منا مراراً وتكراراً وبلا أي معنى أو منطق أن نعطي هذين السيناريوهين نفس الأهمية: غالباً تحت غطاء عبارات حسنة النية مثل «الإجراءات القانونية الواجبة» و«المتهم بريء حتى تثبت إدانته». ومع ذلك، فإن افتراض البراءة ليس موقفاً محايداً في مثل هذه الحالات. بل يتعين علينا أن نفترض، بالتبعية، أن المتهم يجب أن يكون كاذباً أو مخطئاً ما لم يثبت خلاف ذلك! وبذلك، فإننا نوفر غطاءً كبيراً لأي شخص مسيء يتمتع بالذكاء الكافي لتغطية آثار ما قام به.
هذا هو المسار الذي يجب على جميع ضحايا العنصرية تقريباً التنقل فيه: الشك، وسوء النية، والعداء المؤسسي. وفي غضون ذلك، تتساءل الجهات المعنية بإدارة كرة القدم عن أسباب تفاقم الكراهية والعنصرية في اللعبة، وما الذي يمكن فعله حيال ذلك! يمكن لهذه الجهات أن تبدأ بافتراض أن أولئك الذين يشكون من تعرضهم للعنصرية يقولون الحقيقة. ليس هذا فحسب، لكن من خلال تصديقهم أيضاً – ليس بشكل أعمى – ولكن بشكل غريزي ومنطقي.
[ad_2]
Source link