[ad_1]
وتعود إجابة هذا السؤال إلى عام 2015، عندما قامت حكومة البلاد بوضع خطة إستراتيجية لجعل “الاقتصاد الأزرق” جزءاً أساسياً من مستقبل هذه الدولة الجُزرية، بالإضافة إلى سلسلة من الاستثمارات منذ ذلك الحين.
و خلال زيارته، التي سيشارك خلالها في قمة المحيط، شاهد السيد غوتيريش أحد أكثر المكاسب وضوحاً لهذه الخطة عندما رأى القوارب الأحد عشر المشاركة في “سباق المحيط” (Ocean Race) التي رست في ميناء مينديلو، وصواريها المرتفعة التي تشق السماء فوق جزيرة ساو فيسينتي.
وكان الأمين العام قد وصف الاقتصاد الأزرق بأنه “فرصة أساسية لتعزيز التنمية المستدامة في الأرخبيل”، وقال إن الأمم المتحدة تتطلع إلى العمل مع حكومتها وشعبها “لترجمة هذه الطموح إلى واقع ملموس”.
من جهته قال رئيس وزراء الرأس الأخضر، خوسيه يوليسيس كورييا إي سيلفا، إن بلاده تريد أن تصبح “معروفة بشكل أفضل وأن تتمتع بأهمية أكبر” على الساحة الدولية، خاصة في مجال الحفاظ على المحيطات.
وقال: “من المنطقي أن نضع أنفسنا في هذا المجال وأن نفعل ذلك بشكل ذي مغزى. ومن المنطقي أن تنطلق هذه الرسالة من هنا”.
في سياق هذه الجهود، أقامت البلاد “أسبوعاً للمحيط” على مدى الأعوام الخمسة الماضية، وستعقد يوم الاثنين بالشراكة مع “سباق المحيط” قمة تضم متحدثين من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم الأمين العام.
تهديد وجودي
وحذر السيد غوتيريش من أن التزام الرأس الأخضر قد لا يكون كافياً، حيث إن البلاد “على خط المواجهة في أزمة وجودية”، وهي تغير المناخ.
وأوضح قائلا: “إن ارتفاع مستوى سطح البحر وفقدان التنوع البيولوجي والنظم البيئية يشكلان تهديدات وجودية للأرخبيل. أشعر بإحباط عميق لأن قادة العالم لا يمنحون مسألة الموت والحياة الطارئة هذه الإجراءات والاستثمارات اللازمة”.
يمكن لمس بعض هذه العواقب بالفعل في الميناء الذي يستضيف السباق، وهو أحد أفضل الموانئ على الساحل الغربي لأفريقيا، كان قد جذب التجار لقرون مضت ويستضيف الآن أكبر تحدٍ للإبحار في العالم.
خلال السنوات القليلة الماضية، لاحظ صيادو الرأس الأخضر انخفاضاً في صيد سمك الإسقمري الأسود، وهو أحد أكثر الأسماك شعبية لدى السكان المحليين. وعام 2022، أبلغ قطاع التعبئة والتغليف عن انخفاض صيد التونة وغياب تام للإسقمري الأسود.
وفقاً للنتائج الأولية للتقييم الذي تقوده الأمم المتحدة والذي سيتم تقديمه ومناقشته مع أصحاب المصلحة الوطنيين الرئيسيين في وقت مبكر من هذا العام، فمن المتوقع أن تنخفض الكتلة الحيوية لأسماك السطح الكبيرة – أي تلك التي تعيش في المنطقة السطحية من المحيط أو مياه البحيرات – بنسبة تصل إلى 45 في المائة بحلول عام 2100. وسيحدث انخفاض أكبر من ذلك في الحوض السنغالي الموريتاني المجاور.
يمكن أن يكون لمثل هذه التغييرات تأثير عميق على اقتصاد هذه الدولة الجزرية. ففي عام 2018، وفر قطاع صيد الأسماك فرص عمل لـ 6283 شخصاً، وكان له دور حيوي في النظام الغذائي للسكان البالغ عددهم 588 ألف نسمة. كما شكلت هذه المنتجات أيضاً ما يقرب من 80 في المائة من صادرات البلاد.
وأثناء مشاركته في سلسلة مناقشات في مركز الرأس الأخضر الوطني للفنون والحرف والتصميم بدعم من رئيس الوزراء، قال الأمين العام: “يمثل تغير المناخ تهديداً واضحاً لمستقبل الصيد، وأيضاً للتنوع البيولوجي”.
وأضاف: “هناك علاقة واضحة للغاية بين صناعة صيد الأسماك وحماية المناخ. لقد أظهرت التجربة أنه عندما تحمي منطقة معينة، يكون لذلك تأثير مضاعف على المجالات الأخرى ليستفيد الجميع”.
مواجهة الصعوبات
جلس الأمين العام ورئيس وزراء الرأس الأخضر في جناح تابع للمركز الوطني، أمام خلفية مغطاة بأشكال دائرية مطلية بالألوان، مصنوعة من أغطية براميل النفط.
يعبر هذا العرض عن التزام البلاد بالاستدامة، ولكنه أيضاً إشارة إلى عدد المغتربين الكبير الذي بلغ أكثر من مليون شخص؛ والذين غالباً ما يستخدمون هذه البراميل لإرسال الهدايا إلى عائلاتهم.
وقال رئيس الوزراء: “تحديات المناخ تزداد قوة وتكراراً، لكننا لطالما واجهنا الصعوبات ووجدنا دائماً طريقة للتغلب عليها”.
ووفقاً للسيد كورييا إي سيلفا، من الممكن أن يؤثر فقدان الكائنات الحية على الرأس الأخضر بطريقة أخرى.
يعتبر الأرخبيل أحد أهم النقاط العشر الساخنة للتنوع البيولوجي البحري في العالم منذ عقود، حيث سجل وجود 24 نوعاً من الحيتان والدلافين في مياهه – أي ما يقرب من 30 في المائة من جميع أنواع الحيتانيات.
هذا الواقع يجذب العديد من الزوار الذين جعلوا السياحة عاملاً أساسياً لاقتصاد البلاد. ففي عام 2022 وحده، بعد تخفيف القيود المرتبطة بجائحة كوفيد-19، استقبلت الجزر ما يقرب من 700 ألف سائح، مما رفع مساهمة القطاع السياحي إلى حوالي 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
العدالة للرأس الأخضر
بدأ الرأس الأخضر في مقاومة هذه التغييرات. وقال الأمين العام إن البلاد أظهرت “ريادة مناخية بالقول والأفعال” وسلطت الضوء على “الجهود المبذولة لتحويل الديون إلى مشاريع مناخية، بما في ذلك في الاقتصاد الأزرق“.
يأتي ما يصل إلى 20 في المائة من إنتاج الطاقة في الرأس الأخضر الآن من مصادر متجددة، بما يمثل أحد أعلى المعدلات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتهدف البلاد إلى زيادة استخدام الطاقة المتجددة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بحلول عام 2030.
وقال رئيس الوزراء إن بلاده بحاجة إلى “التوفيق بين احتياجات الاقتصاد والبيئة والمجتمعات” لأنها بحاجة إلى “هذه الموارد التي تنتج الثروة للبلاد“.
شارك السيد كورييا إي سيلفا مثالاً على كيفية القيام بذلك. ففي مجتمع ساو بيدرو، في جزيرة ساو فيسنتي، تحول جزء من السكان في السنوات الأخيرة من صيد الأسماك إلى تقديم الخدمات حيث يمكن للسائحين السباحة بأمان مع السلاحف.
ومضى في تسليط الضوء على سلسلة من المبادرات لمكافحة التلوث البلاستيكي وتعزيز الاقتصاد الدائري (المراعي للمناخ). كما أشار إلى قانون صارم يحكم الصيد تم وضعه مؤخرا، وقال إن البلاد تعمل على توسيع المنطقة المحمية من 6 إلى 30 في المائة.
وأضاف: “نريد أن نذهب إلى أبعد من ذلك، لكننا بحاجة إلى الموارد“.
ووافق الأمين العام على ذلك قائلاً: “نحن بحاجة إلى العدالة لأولئك الذين – مثل الرأس الأخضر – لم يفعلوا شيئاً يذكر للتسبب في هذه الأزمة، لكنهم يدفعون ثمناً باهظاً (بسبب تغير المناخ)“.
مع انتهاء المحادثة، كانت طواقم “سباق المحيط” تستريح في الميناء. ففي غضون أيام قليلة، ستبدأ المرحلة الثانية من المسابقة، والتي ستأخذهم من الرأس الأخضر، عبر خط الاستواء، إلى جنوب ساحل أمريكا الجنوبية، ومن ثم إلى كيب تاون في الطرف الجنوبي من جنوب أفريقيا.
والتقى السيد غوتيريش بالبحارة قبل ذلك بساعات قليلة، وأخبرهم عن رحلة إبحار قام بها ابنه مع ثلاثة أصدقاء عبر المحيط الأطلسي قبل بضع سنوات.
ودفعت هذه القصة أحد الربان، كيفن سكوفيلد، إلى سؤاله: “هل من الممكن أن تفعل شيئاً كهذا؟“
فرد الأمين العام مازحاً: “ربما يوماً ما. عندما أتقاعد”.
[ad_2]
Source link