فوضى الأسعار في سوق الـ PCR

فوضى الأسعار في سوق الـ PCR

[ad_1]

منذ بداية ظهور جائحة كورونا أواخر العام قبل الماضي، اختارت السعودية التعامل مع المرض من منظور إنساني، ونشرت الآلاف من مراكز “تطمن” و”تأكد” في معظم المدن والقرى والهجر، وظلت السلطات تناشد المواطنين والمقيمين التوجُّه لتلك المراكز لإجراء الفحوصات، وكانت المهمة تتم بيُسر وسهولة؛ إذ لم تكن هناك أي صعوبة في تحديد موعد الحجوزات التي كانت متاحة للجميع.

الآن أصبح الكثيرون يضطرون لمراجعة المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة لإجراء الفحوصات؛ بسبب ضغوط العمل التي تواجهها مراكز “تأكد” و”تطمن” في ظل تزايد أعداد المراجعين.

ما يهمني في هذا المجال هو تسليط الضوء على حالة الاستغلال الكبيرة التي تتعامل بها معظم المراكز الطبية والمستشفيات الخاصة مع احتياجات المراجعين، والتفاوت الكبير والمغالاة غير المبررة في الأسعار؛ إذ قد يضطر البعض إلى دفع مبالغ مالية كبيرة، ولاسيما في حالات الرغبة في السفر خارج السعودية عند الضرورة.

ومما يثير الاندهاش هو الارتفاع المتسارع في الأسعار التي كانت حتى وقت قريب لا تتجاوز في المتوسط 100 ريال أو أقل، لكنها تضاعفت مرات عديدة بصورة لا يوجد ما يفسرها سوى الرغبة في تحقيق أقصى مقدار من المكاسب المالية، ولو عن طريق استغلال حاجات الناس؛ وهو ما يؤكد أن بعض مؤسسات القطاع الخاص لم ترتقِ -بكل أسف- إلى مقدار الجهود المضنية التي تبذلها السلطات الصحية لمواجهة الفيروس والقضاء عليه.

كذلك تحاول بعض المؤسسات الطبية الالتفاف، وتبرير رفع الأسعار عبر وضع تسعيرات مختلفة، تعتمد على الوقت المطلوب للحصول على النتيجة؛ فكلما كان الوقت قريبًا ارتفعت القيمة. الجانب الذي ينبغي التركيز عليه هو أن بعض هذه المؤسسات التي يُفترض أن يكون تركيزها موجهًا نحو تقديم الخدمة الطبية، مع السعي لتحقيق الأرباح بصورة معقولة، توقفت تقريبًا عن استقبال المرضى والمراجعين العاديين، ووجهت كل طاقاتها نحو استقبال طالبي فحص كورونا؛ لأنه لا يستغرق كثيرًا من الوقت، ولا يتطلب تكلفة عالية.

خلال الأيام الماضية ذكرت بعض المصادر أن هناك مستوصفات تقوم باستقبال الآلاف من الراغبين في إجراء فحص كورونا. فإذا افترضنا مثلا أن المستوصف يُجري ألف فحص في اليوم الواحد فإن هذا يعني أن متوسط دخله سيبلغ بضع مئات من آلاف الريالات يوميًّا.

ربما يرى البعض مبالغة في ذلك، ولكن ما نراه أمام مداخل كثير من المراكز الصحية والمستشفيات يؤكد صحته؛ إذ تمتد الطوابير إلى خارج المبنى، للدرجة التي قامت فيها تلك المراكز بمضاعفة العاملين في مكاتب الاستقبال لاستيعاب تلك الحشود.

وجه الخطورة هنا يكمن في أن بعض أولئك المتزاحمين قد يكونون من المصابين؛ وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى نشر العدوى وسط الآخرين. كما أن تلك المراكز، وفي إطار اللهث وراء المكاسب المالية، قد تستقبل ما يفوق طاقتها وقدرتها البشرية والفنية اللازمة، وربما تلجأ إلى التساهل في إصدار التقارير، أو عدم التأكد من النتائج بالصورة المطلوبة.

الحل لتلك المعضلة يكمن -من وجهة نظري- في التدخُّل السريع من جمعية حماية المستهلك لوقف استغلال المراجعين، ووضع إطارات عامة للأسعار، لا يُسمح بتجاوزها، وإلزام تلك المراكز الطبية باستقبال المرضى العاديين، وعدم التركيز فقط على طالبي فحص كورونا.

كذلك فإن وزارة الصحة ينبغي أن توجِّه مديريات الشؤون الصحية بتنظيم حملات تفتيش مفاجئة متكررة على تلك المراكز؛ وذلك لضمان إجراء الفحوصات بالصورة المحددة، والتحذير من مغبة التساهل أو عدم اتباع الإجراءات الطبية المطلوبة، وتغليظ العقوبات بحق المنشآت المخالفة، بما يشمل التشهير بها وإغلاقها.

أهمس أخيرًا في آذان القائمين على تلك المؤسسات بأن سعيهم لتحقيق الأرباح هو حق شرعي مفهوم، ولا خلاف عليه، ولا يوجد من ينكره، ما دام في إطار الأخلاقيات العامة المتعارف عليها، ولاسيما أنهم يعملون في مجال يرتبط بصحة الناس، ويمس حياتهم بصورة مباشرة؛ لذلك تُطلَق على العاملين في هذا المجال ألقاب كثيرة، منها ملائكة الرحمة والإنسانية.. لكن أن تتحول تلك المهنة إلى وسيلة للابتزاز، واستغلال حاجات الناس، فهو ما لا يمكن قبوله أو استيعابه؛ لأنه يطلق جرس الإنذار بوجود خلل كبير في منظومة القيم التي تربى عليها أفراد المجتمع، ويهز الثقة في هذه المؤسسات التي تمثل خط الدفاع الأول ضد كل ما يهدد الصحة والسلامة العامة، وعندها سوف يفقد المجتمع أعز ما يملكه.

ماجد آل حسنه

فوضى الأسعار في سوق الـ PCR


سبق

منذ بداية ظهور جائحة كورونا أواخر العام قبل الماضي، اختارت السعودية التعامل مع المرض من منظور إنساني، ونشرت الآلاف من مراكز “تطمن” و”تأكد” في معظم المدن والقرى والهجر، وظلت السلطات تناشد المواطنين والمقيمين التوجُّه لتلك المراكز لإجراء الفحوصات، وكانت المهمة تتم بيُسر وسهولة؛ إذ لم تكن هناك أي صعوبة في تحديد موعد الحجوزات التي كانت متاحة للجميع.

الآن أصبح الكثيرون يضطرون لمراجعة المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة لإجراء الفحوصات؛ بسبب ضغوط العمل التي تواجهها مراكز “تأكد” و”تطمن” في ظل تزايد أعداد المراجعين.

ما يهمني في هذا المجال هو تسليط الضوء على حالة الاستغلال الكبيرة التي تتعامل بها معظم المراكز الطبية والمستشفيات الخاصة مع احتياجات المراجعين، والتفاوت الكبير والمغالاة غير المبررة في الأسعار؛ إذ قد يضطر البعض إلى دفع مبالغ مالية كبيرة، ولاسيما في حالات الرغبة في السفر خارج السعودية عند الضرورة.

ومما يثير الاندهاش هو الارتفاع المتسارع في الأسعار التي كانت حتى وقت قريب لا تتجاوز في المتوسط 100 ريال أو أقل، لكنها تضاعفت مرات عديدة بصورة لا يوجد ما يفسرها سوى الرغبة في تحقيق أقصى مقدار من المكاسب المالية، ولو عن طريق استغلال حاجات الناس؛ وهو ما يؤكد أن بعض مؤسسات القطاع الخاص لم ترتقِ -بكل أسف- إلى مقدار الجهود المضنية التي تبذلها السلطات الصحية لمواجهة الفيروس والقضاء عليه.

كذلك تحاول بعض المؤسسات الطبية الالتفاف، وتبرير رفع الأسعار عبر وضع تسعيرات مختلفة، تعتمد على الوقت المطلوب للحصول على النتيجة؛ فكلما كان الوقت قريبًا ارتفعت القيمة. الجانب الذي ينبغي التركيز عليه هو أن بعض هذه المؤسسات التي يُفترض أن يكون تركيزها موجهًا نحو تقديم الخدمة الطبية، مع السعي لتحقيق الأرباح بصورة معقولة، توقفت تقريبًا عن استقبال المرضى والمراجعين العاديين، ووجهت كل طاقاتها نحو استقبال طالبي فحص كورونا؛ لأنه لا يستغرق كثيرًا من الوقت، ولا يتطلب تكلفة عالية.

خلال الأيام الماضية ذكرت بعض المصادر أن هناك مستوصفات تقوم باستقبال الآلاف من الراغبين في إجراء فحص كورونا. فإذا افترضنا مثلا أن المستوصف يُجري ألف فحص في اليوم الواحد فإن هذا يعني أن متوسط دخله سيبلغ بضع مئات من آلاف الريالات يوميًّا.

ربما يرى البعض مبالغة في ذلك، ولكن ما نراه أمام مداخل كثير من المراكز الصحية والمستشفيات يؤكد صحته؛ إذ تمتد الطوابير إلى خارج المبنى، للدرجة التي قامت فيها تلك المراكز بمضاعفة العاملين في مكاتب الاستقبال لاستيعاب تلك الحشود.

وجه الخطورة هنا يكمن في أن بعض أولئك المتزاحمين قد يكونون من المصابين؛ وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى نشر العدوى وسط الآخرين. كما أن تلك المراكز، وفي إطار اللهث وراء المكاسب المالية، قد تستقبل ما يفوق طاقتها وقدرتها البشرية والفنية اللازمة، وربما تلجأ إلى التساهل في إصدار التقارير، أو عدم التأكد من النتائج بالصورة المطلوبة.

الحل لتلك المعضلة يكمن -من وجهة نظري- في التدخُّل السريع من جمعية حماية المستهلك لوقف استغلال المراجعين، ووضع إطارات عامة للأسعار، لا يُسمح بتجاوزها، وإلزام تلك المراكز الطبية باستقبال المرضى العاديين، وعدم التركيز فقط على طالبي فحص كورونا.

كذلك فإن وزارة الصحة ينبغي أن توجِّه مديريات الشؤون الصحية بتنظيم حملات تفتيش مفاجئة متكررة على تلك المراكز؛ وذلك لضمان إجراء الفحوصات بالصورة المحددة، والتحذير من مغبة التساهل أو عدم اتباع الإجراءات الطبية المطلوبة، وتغليظ العقوبات بحق المنشآت المخالفة، بما يشمل التشهير بها وإغلاقها.

أهمس أخيرًا في آذان القائمين على تلك المؤسسات بأن سعيهم لتحقيق الأرباح هو حق شرعي مفهوم، ولا خلاف عليه، ولا يوجد من ينكره، ما دام في إطار الأخلاقيات العامة المتعارف عليها، ولاسيما أنهم يعملون في مجال يرتبط بصحة الناس، ويمس حياتهم بصورة مباشرة؛ لذلك تُطلَق على العاملين في هذا المجال ألقاب كثيرة، منها ملائكة الرحمة والإنسانية.. لكن أن تتحول تلك المهنة إلى وسيلة للابتزاز، واستغلال حاجات الناس، فهو ما لا يمكن قبوله أو استيعابه؛ لأنه يطلق جرس الإنذار بوجود خلل كبير في منظومة القيم التي تربى عليها أفراد المجتمع، ويهز الثقة في هذه المؤسسات التي تمثل خط الدفاع الأول ضد كل ما يهدد الصحة والسلامة العامة، وعندها سوف يفقد المجتمع أعز ما يملكه.

05 فبراير 2022 – 4 رجب 1443

09:30 PM


فوضى الأسعار في سوق الـ PCR

ماجد آل حسنهالرياض

منذ بداية ظهور جائحة كورونا أواخر العام قبل الماضي، اختارت السعودية التعامل مع المرض من منظور إنساني، ونشرت الآلاف من مراكز “تطمن” و”تأكد” في معظم المدن والقرى والهجر، وظلت السلطات تناشد المواطنين والمقيمين التوجُّه لتلك المراكز لإجراء الفحوصات، وكانت المهمة تتم بيُسر وسهولة؛ إذ لم تكن هناك أي صعوبة في تحديد موعد الحجوزات التي كانت متاحة للجميع.

الآن أصبح الكثيرون يضطرون لمراجعة المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة لإجراء الفحوصات؛ بسبب ضغوط العمل التي تواجهها مراكز “تأكد” و”تطمن” في ظل تزايد أعداد المراجعين.

ما يهمني في هذا المجال هو تسليط الضوء على حالة الاستغلال الكبيرة التي تتعامل بها معظم المراكز الطبية والمستشفيات الخاصة مع احتياجات المراجعين، والتفاوت الكبير والمغالاة غير المبررة في الأسعار؛ إذ قد يضطر البعض إلى دفع مبالغ مالية كبيرة، ولاسيما في حالات الرغبة في السفر خارج السعودية عند الضرورة.

ومما يثير الاندهاش هو الارتفاع المتسارع في الأسعار التي كانت حتى وقت قريب لا تتجاوز في المتوسط 100 ريال أو أقل، لكنها تضاعفت مرات عديدة بصورة لا يوجد ما يفسرها سوى الرغبة في تحقيق أقصى مقدار من المكاسب المالية، ولو عن طريق استغلال حاجات الناس؛ وهو ما يؤكد أن بعض مؤسسات القطاع الخاص لم ترتقِ -بكل أسف- إلى مقدار الجهود المضنية التي تبذلها السلطات الصحية لمواجهة الفيروس والقضاء عليه.

كذلك تحاول بعض المؤسسات الطبية الالتفاف، وتبرير رفع الأسعار عبر وضع تسعيرات مختلفة، تعتمد على الوقت المطلوب للحصول على النتيجة؛ فكلما كان الوقت قريبًا ارتفعت القيمة. الجانب الذي ينبغي التركيز عليه هو أن بعض هذه المؤسسات التي يُفترض أن يكون تركيزها موجهًا نحو تقديم الخدمة الطبية، مع السعي لتحقيق الأرباح بصورة معقولة، توقفت تقريبًا عن استقبال المرضى والمراجعين العاديين، ووجهت كل طاقاتها نحو استقبال طالبي فحص كورونا؛ لأنه لا يستغرق كثيرًا من الوقت، ولا يتطلب تكلفة عالية.

خلال الأيام الماضية ذكرت بعض المصادر أن هناك مستوصفات تقوم باستقبال الآلاف من الراغبين في إجراء فحص كورونا. فإذا افترضنا مثلا أن المستوصف يُجري ألف فحص في اليوم الواحد فإن هذا يعني أن متوسط دخله سيبلغ بضع مئات من آلاف الريالات يوميًّا.

ربما يرى البعض مبالغة في ذلك، ولكن ما نراه أمام مداخل كثير من المراكز الصحية والمستشفيات يؤكد صحته؛ إذ تمتد الطوابير إلى خارج المبنى، للدرجة التي قامت فيها تلك المراكز بمضاعفة العاملين في مكاتب الاستقبال لاستيعاب تلك الحشود.

وجه الخطورة هنا يكمن في أن بعض أولئك المتزاحمين قد يكونون من المصابين؛ وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى نشر العدوى وسط الآخرين. كما أن تلك المراكز، وفي إطار اللهث وراء المكاسب المالية، قد تستقبل ما يفوق طاقتها وقدرتها البشرية والفنية اللازمة، وربما تلجأ إلى التساهل في إصدار التقارير، أو عدم التأكد من النتائج بالصورة المطلوبة.

الحل لتلك المعضلة يكمن -من وجهة نظري- في التدخُّل السريع من جمعية حماية المستهلك لوقف استغلال المراجعين، ووضع إطارات عامة للأسعار، لا يُسمح بتجاوزها، وإلزام تلك المراكز الطبية باستقبال المرضى العاديين، وعدم التركيز فقط على طالبي فحص كورونا.

كذلك فإن وزارة الصحة ينبغي أن توجِّه مديريات الشؤون الصحية بتنظيم حملات تفتيش مفاجئة متكررة على تلك المراكز؛ وذلك لضمان إجراء الفحوصات بالصورة المحددة، والتحذير من مغبة التساهل أو عدم اتباع الإجراءات الطبية المطلوبة، وتغليظ العقوبات بحق المنشآت المخالفة، بما يشمل التشهير بها وإغلاقها.

أهمس أخيرًا في آذان القائمين على تلك المؤسسات بأن سعيهم لتحقيق الأرباح هو حق شرعي مفهوم، ولا خلاف عليه، ولا يوجد من ينكره، ما دام في إطار الأخلاقيات العامة المتعارف عليها، ولاسيما أنهم يعملون في مجال يرتبط بصحة الناس، ويمس حياتهم بصورة مباشرة؛ لذلك تُطلَق على العاملين في هذا المجال ألقاب كثيرة، منها ملائكة الرحمة والإنسانية.. لكن أن تتحول تلك المهنة إلى وسيلة للابتزاز، واستغلال حاجات الناس، فهو ما لا يمكن قبوله أو استيعابه؛ لأنه يطلق جرس الإنذار بوجود خلل كبير في منظومة القيم التي تربى عليها أفراد المجتمع، ويهز الثقة في هذه المؤسسات التي تمثل خط الدفاع الأول ضد كل ما يهدد الصحة والسلامة العامة، وعندها سوف يفقد المجتمع أعز ما يملكه.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply