[ad_1]
«عروس المطر» تواجه الجفاف في شمال شرقي سوريا
الأحد – 16 شهر ربيع الثاني 1443 هـ – 21 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [
15699]

جفاف في ريف إدلب شمال غربي سوريا في 9 الشهر الجاري (أ.ف.ب)

القامشلي: كمال شيخو
أحيا أكراد سوريا في مدينة القامشلي الواقعة شمال شرقي البلاد طقوساً قديمة، استجداءً لهطول الأمطار، وتقام طقوس «عروسة المطر» أو «زيو»، بحسب تسميتها الكردية التي مارسها المجتمع الكردي في المنطقة لقرون، تقليدياً خلال فصل الشتاء بعد تأخر هطول الأمطار الموسمية لدرء الجفاف، واكتسبت هذه الطقوس أهمية متجددة فيما يعانون انخفاضاً قياسياً في معدل تساقط الأمطار بعد هطول زخات قليلة أمس (السبت).
و«عروس المطر» عبارة عن دمية مصنوعة من الخشب والنسيج الملون تحملها مجموعة من الأطفال، ثم يتجولون بها في شوارع القامشلي، وعندما تصل المجموعة إلى باب أحد المنازل ترشّ بالمياه، فيما يتلو الناس دعاء خاصاً طلباً للمطر. وتلاشت هذه الطقوس إلى حد كبير في العقود الأخيرة لكنها عاودت إلى الظهور، فيما يواجه السكان المتضررون بالجفاف في شمال شرقي سوريا، كارثة مناخية متزايدة تهدد محاصيلهم وقوت رزقهم وسبل عيشهم. وتضم طقوس المطر إعداد وليمة يشارك في أكلها الأطفال وجميع أهالي المنطقة مع ترديد أناشيد وأغانٍ خاصة بالمطر، من بينها أنشودة «عروس المطر»، ويقوم المشاركون بارتداء الملابس بشكل مقلوب، في إشارة إلى الفقر والحاجة، اللذين سيصيبان الناس في حال لم تهطل الأمطار لعام ثانٍ. وقالت عائشة البالغة من العمر خمسين عاماً وهي أم لخمسة أولاد وثلاث بنات تنحدر من القامشلي، إن هذا الطقس يمارسونه، وتضيف أن السبب أن «هذه العادة متوارثة عندنا من الأجداد للدعاء من أجل هطول الأمطار، أتذكر عندما كنت طفلة بالعاشرة كنا نحييها ونقوم بالتجول بين البيوت ونقنع الأهالي بالمشاركة في وليمة الأكل الجماعية».
وأدى الجفاف، وهو الأسوأ منذ عقود إلى تدمير المجتمعات الزراعية والثروة الحيوانية التي يعتمد عليها سكان المناطق الشمالية الشرقية من سوريا وأغلب سكان البلاد، ويزرع معظم سكان محافظة الحسكة أراضيهم بعلاً بالاعتماد على الأمطار الموسمية، وهذا العام تأخرت وشحها سيؤثر بشكل سلبي على الإنتاج الزراعي ويصيب الثروة الحيوانية.
ويقول الجد عبدو وعمره (72 سنة) الذي يمتلك أرضاً زراعية، إن هذا العام كما العام الماضي، ذكرهم بسنوات الجفاف التي شهدتها المنطقة وسوريا عموماً، «آنذاك كان هناك قحط وجفاف واليوم يتكرر الوضع، لذلك أحيا سكان المنطقة هذه الطقوس بسبب الجفاف الشديد الذي يعصف بالمنطقة والقحط الذي تتعرض له بلدنا»، وتبلغ مساحة الأرض الزراعية التي يمتلكها حسن في مسقط رأسه «تنورية» وتقع بالجهة الشرقية من القامشلي، نحو 150 دونماً (ما يعادل 15 هكتاراً)، وذكر أنه لن يقدم على زراعتها في حال تأخرت هطول الأمطار أكثر من ذلك: «العام الماضي خسرنا في الموسم كحال جميع أبناء المنطقة، لكن هذا العام تكاليف الزراعة ارتفعت 300 بالمائة، وفي حال كانت سنة جفاف وقحط ستكون خسارتنا أكبر بكثير من سابقاتها».
وحذرت منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي التابعان للأمم المتحدة، من ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي في سوريا، وقالا في تقرير مشترك نشر نهاية يوليو (تموز) الماضي، إن نحو 90 في المائة من العائلات السورية تتبع استراتيجيات تأقلم سلبية للبقاء على قيد الحياة، وإن 4.8 مليون سوري يعتمدون على المساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي، إضافة إلى أن السوريين يلجأون لتقليل كمية الطعام الذي يتناولونه، بالإضافة إلى شراء كميات أقل مما يحتاجون إليه ويتبعون أساليب الاستدانة أو الاقتراض لشراء حاجاتهم الأساسية.
وتروي حمدية وهي سيدة في عقدها الرابع أنها عندما كانت صغيرة: «كنا نصنع العروس مثلهم ونبدأ الدعاء وبعدها كنا نأكل الطعام، ها قد دخلنا منتصف الشتاء ولم تهطل الأمطار بعد»، أما جارتها نجاح وكانت تحمل قائمة بأسماء سكان شارع يقع في حي الهلالية ويقع بمدخل القامشلي الغربي فتقول: «البارحة اتفقنا نحن الجيران كي نعد وجبة غداء مشتركة وندعو كل الجيران، سنطلب الرحمة ونردد الأدعية لأن الناس والشجر والحيوانات بحاجة للمطر، سنتضرع من أجل رحمة الله ونأمل هطول الأمطار».
ويتخوف المزارعون ومربو المواشي في مناطق شمال شرقي سوريا من تكرار سيناريو الجفاف كالعام الماضي، الذي تسبب لهم في خسائر كبيرة، حيث شهدت مناطق الجزيرة السورية وتعرف بـ«سلة سوريا الغذائية» تراجعاً في إنتاج محاصيل استراتيجية مثل القمح والشعير والعدس والذرة، بسبب الانحباس المطري وتوقف جريان نهر الفرات والخابور.
سوريا
أخبار سوريا
[ad_2]
Source link