[ad_1]
تحكي سيرة الشقيقين السوريين محمد وعلاء ماسو، منذ مغادرة بلادهما إلى المشاركة في «أولمبياد طوكيو»، قصة السوريين وانقساماتهم في العقد الأخير، خصوصاً اللاجئين الذين ركبوا «قوارب الموت» من تركيا إلى اليونان، وساروا في «طرق النار» بين الدول الأوروبية قبل الوصول إلى «خيمة آمنة» في معسكرات مدن أوروبية وشوارعها، ركضوا فيها وراء حلمهم في العمل والدراسة… والمنافسات الرياضية.
ويشارك محمد مع البعثة السورية في رياضة الترياثلون، فيما ينافس علاء في السباحة مع منتخب اللاجئين الذي يضمّ أيضاً السباحة المشهورة يسرا مارديني التي حملت العلم في افتتاح طوكيو، وسبق أن شاركت تحت الراية نفسها في أولمبياد ريو 2016.
صورة العناق العاطفي بين محمد وعلاء في حفل افتتاح الأولمبياد يوم الجمعة، غزت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وظهرت روايات وقصص عن مواقفهما السياسية والمدة التي لم يلتقيا بها أو مكان إقامتهما، مما دفعهما إلى إغلاق حساباتهما على مواقع التواصل للتفرغ إلى مسابقات الأولمبياد. «الشرق الأوسط» اتصلت عبر تطبيق «واتساب» بمحمد ماسو، وهنا ملخص أجوبته.
* كيف ومتى ولماذا تركت سوريا؟
– تركت حلب أنا وشقيقي علاء في نهاية 2015. لأننا لم نعد نشعر بالأمان. كنت وقتذاك أدرس في اللاذقية (غرب البلاد)، وكنا نشعر بالخوف في كل مرة ننتقل من حلب إلى اللاذقية. الأمور كانت تسير من سيء إلى أسوأ، ولم نكن نريد الدخول طرفاً في النزاع فقررنا السفر إلى الخارج. سافرنا إلى بيروت ومن هناك في الطائرة إلى تركيا. دفعنا لمهرب تركي، نحو 110 دولار أميركي عن كل واحد منا، وركبنا «البالم» (قارباً مطاطياً) من أزمير إلى جزيرة يونانية. المهرب، قال لنا إن القارب يحمل 16 شخصاً فقط، لكن عندما وصلنا بعد تسع محاولات سابقة، وجدت نحو 50 شخصاً في القارب الصغير، كان بينهم أطفال صغار خائفون. لم أرتدِ سترة النجاة وأعطيتها للآخرين. أنا وأخي محترفان في السباحة، وقلنا للأطفال: «لا تخافوا، نحن تدربنا على إنقاذ الأطفال، وقادرون على إنقاذكم».
رحلة الخوف والقلق استمرت ثلاث ساعات إلى أن وصلنا إلى الشاطئ اليوناني. أول شيء قمنا به، هو تمزيق القارب، كي لا يجبرونا على العودة.
* كيف خرجت من اليونان إلى هولندا وألمانيا؟
– بعد وصولنا إلى الجزيرة اليونانية، ذهبنا إلى مركز المدينة. انتظرنا الباخرة وذهبنا إلى أثينا، ثم بدأنا في السير إلى الشمال باتجاه أوروبا. مشينا نحو 12 يوماً، خلالها أخي علاء كان صغيراً (عمره حالياً 21 سنة) أضعته لثلاثة أيام لأنه كان في مجموعة أخرى. بعد أيام وصلنا إلى الحدود الألمانية. كنا نريد الذهاب إلى هولندا، لكن رجال الشرطة الألمان خدعونا وأخذوا بصمتنا، وقالوا: «البصمة لا علاقة لها باللجوء».
وصلنا إلى هولندا، وفي اليوم التالي لوصولي إلى المعسكر، ارتديت لباسي الرياضي ورحت أركض وأسأل: «هل لديكم مسبح أو مركز للتمرين؟». كنت أريد التعويض عن توقفي عن ممارسة الرياضة بين 2013 و2015.
فجأة، جاء الهولنديون، وقالوا: «أنتم بصمتكم في ألمانيا، ويجب أن تعودوا إلى هناك». عدنا، وبدأنا من نقطة الصفر ثانية. هنا، تواصلت مع نادي هانوفر وحصلت على قبول للتدرب فيه وشاركت في منافسات فيه. ثمانية أشهر في معسكرات هولندا وسبعة أشهر في معسكرات ألمانيا، وفي النهاية خرجنا إلى الحياة العادية. وفي 2017. شاركت في بطولة أوروبية في هولندا. وقتها، طلبت من الاتحاد الرياضي إرسال رسالة كي أشارك باسم سوريا، لأنه لم يكن ممكناً أن أشارك باسمي الشخصي. بالفعل، أرسلوا رسالة إلكترونية وشاركت.
* كيف كان الطريق إلى أولمبياد طوكيو؟
– أنا أبعد ما يكون عن السياسة. كان همي أن أشارك بالرياضة وأعطي صورة جميلة عن شعبي وأشجع اللاجئين للتطوع والانخراط في الحياة العامة والرياضة. وشاركت أنا وأخي في بطولات عدة في أوروبا والعالم.
بعد مشاركتي في بطولة في تشيكيا في 2018، قال لي أصدقائي: «لماذا لا تشارك في طوكيو؟». وقتذاك، بدأت رحلة الإعداد للمشاركة. كنت أعرف أن الاتحاد الرياضي غير قادر على توفير الإمكانات لي، فاعتمدت على رعاية ودعم من عائلة هولندية، وشاركت بالكثير من البطولات في آسيا وأفريقيا والعالم العربي إلى أن حصلت على المرتبة 135 من ألف شخص، مما سمح لي أن أشارك. أما أخي علاء، فهو سباح كبير. وسجل في 2019 ضمن أولمبياد اللاجئين، وبعد شهرين بدأ بالتمرينات في نادي هانوفر.
* ما سر الصورة العاطفية بين الشقيقين محمد وعلاء ماسو؟
– أنا كنت أتمرن في هولندا وأخي في ألمانيا استعداداً للأولمبياد في طوكيو، ولم نلتق لثمانية أشهر بسبب جائحة «كورونا». علاء دخل إلى حفل الافتتاح مع فريق اللاجئين وأنا دخلت مع المنتخب السوري. قلت له: «هذه لحظة تاريخية، دعنا نأخذ صوراً. دعنا نحضن بعضنا بعضاً، ونعمل صورة حلوة في الألعاب الأولمبية». هذا ما فعلنا. كان حلمنا منذ الطفولة المشاركة في الأولمبياد، وحققنا هذا الحلم رغم كل العقبات والتحديات.
نحن لا نتدخل بالسياسة، ولو أردت المساهمة بالحرب لبقيت في سوريا. أنا لأرفع صورة أحد ولا أتدخل بالسياسة. أنا أمثل نفسي وبلدي وشعبي. شعبنا طموح وليس شعب حرب.
غزت صورة الأخوين محمد وعلاء ماسو وسائل التواصل الاجتماعي وهما يتعانقان يوم الجمعة خلال حفل الافتتاح الرسمي للألعاب الأولمبية التي تأجلت عاماً كاملاً جراء تفشّي جائحة كورونا.
حتى أن بعض القنوات الإخبارية والوكالات العالمية ذهبت إلى نشر الصورة والقول إن الأخوين التقيا في العاصمة اليابانية بعد سنوات من الفراق بينهما بسبب الحرب السورية.
وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة، وأدّى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.
ومن بين الذين غادروا البلاد، كان الأخوان ماسو اللذين توجها إلى أوروبا ويعيشان فيها منذ فترة.
يقول مدير المكتب الصحافي للاتحاد الرياضي العام (أعلى سلطة رياضية في سوريا) المرافق الإعلامي للبعثة السورية إلى أولمبياد طوكيو صفوان الهندي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الصورة أخذت أبعاداً أكثر مما نتخيّل».
ويضيف أن «القصة غير صحيحة على الإطلاق. محمد وعلاء يعيشان مع بعضهما بعضاً في ألمانيا، ووصلا إلى طوكيو سويّاً»، لافتاً إلى أن «قسماً كبيراً من عائلتهما لا يزال يعيش في سوريا».
وتابع الهندي أن اللقاء في حفل الافتتاح هو «لقاء عفوي بين أخوين. لكن وبعض الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ساقت الأمور إلى منحى آخر».
ويشارك محمد ماسو مع البعثة السورية في رياضة الترياثلون فيما ينافس علاء في السباحة مع منتخب اللاجئين الذي يضمّ أيضاً السباحة السورية يسرا مارديني التي حملت العلم في افتتاح طوكيو وسبق أن شاركت تحت الراية نفسها في أولمبياد ريو 2016.
ويشير الهندي إلى أن «علاء ماسو هو من قرر المشاركة مع منتخب اللاجئين (…) وغير صحيح أنه طلب المشاركة مع البعثة السورية تم رفضه».
واستطرد بالقول إن «هناك العديد من اللاعبين السوريين الذين يعيشون خارج سوريا وينافسون تحت علمها، على غرار محمد الصباغ (ترياثلون) مثلاً».
وحاولت وكالة الصحافة الفرنسية التواصل مع محمد ماسو، إلا أن الأخير طلب التركيز على منافساته الرياضية التي أرغمته على إيقاف كل حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما أكد هو نفسه.
ودخل السوريون أولمبياد طوكيو وسط أحلام كسر حاجز الميداليات الثلاث التي حصل عليها أبطالهم في تاريخ مشاركاتهم السابقة في الألعاب الأولمبية، آخرها قبل سبعة عشر عاماً في أثينا 2004.
وتشارك سوريا ببعثة صغيرة من خمسة رياضيين ورياضية واحدة، ويمثلها مجد الدين غزال (الوثب العالي)، الربّاع معن أسعد (وزن+109)، أحمد حمشو (فروسية)، السباح أيمن كلزية (200 م فراشة)، محمد ماسو (الترياتلون) ولاعبة كرة الطاولة هند ظاظا (12 عاماً) أصغر رياضية في الألعاب التي ودّعت من الدور الأول السبت بخسارتها أمام النمساوية المخضرمة (39 عاماً) جيا ليو 4 – صفر.
وأحرزت سوريا خلال مشاركاتها السابقة التي بدأت عام 1948 في الألعاب الأولمبية 3 ميداليات، ذهبية حصدتها غادة شعاع في مسابقة السباعية في أتلانتا 1996. فضية للمصارع الحرّ جوزيف عطية في وزن 100 كلغ في لوس أنجليس 1984. وبرونزية للملاكم ناصر الشامي في وزن 91 كلغ في أثينا 2004.
ويأمل فراس معلا رئيس اللجنة الأولمبية في تحقيق نتائج جيدة، رغم الصعوبات التي اعترضت عملية الاستعداد مقارنة مع ريو 2016، خلال أزمة الحروب التي كانت تعيشها البلاد.
[ad_2]
Source link