كثر في الآونة الحديث عن التعليم ف جامعات المملكة ومدى قدرتها على إنتاج المخترعين والمنتجين، ولطالما زادت التساؤلات عن مدى حرص الدولة على رعاية المتميزين منهم وتبنيهم. وإن كان من الممكن أن يكون لهم الإنتاج الذي يمكنه الرفع من مستوى المملكة التقني والعلمي إلى الأفضل.

تواصلت مع عضو النادي العلمي السعودي المخترع مهنّد أبوديّة والذي التقى مؤخّرًا خادم الحرمين الشريفين وأهداه رمزًا تذكاريًا لـ”صقر العروبة – 1 . يقول مهنّد ” لم أكن متوقّعًا في صغري بأن تأتيَ لي مثل هذه اللحظة، فلطالما كثر في صغري المحبّطون من حولي ممن يشككون بأن مخترعًا سعوديًا سيظهر في يوم من الأيام باختراعاته التي تنافس ما تنتجه عقول مخترعي الدول الكبرى . حينها لم أكن أتخيّل أن أقف اليوم أمام خادم الحرمين ممثلاً للمخترعين السعوديين وأن أهديه هديّة تذكارية للغواصة التي ابتكرتها والتي أسميتها بـ صقر العروبة-1 .

يستكمل مهنّد حديثه عن لقائه بخادم الحرمين متحدثًا عن سروره البالغ الذي ظهر على محيّاه حينما تم تقديمه كأحد طلاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وأعضاء النادي العلمي السعودي . حينما حدّثته عن مشروعي وأنّني بصدد العمل على تطوير الغواصة لتكون من أكثر غواصات العالم تقدّمًا في تقنيتها المستخدمة. حينها استفسر حفظه الله حول بعض تفاصيل الغوّاصة خاتمًا حديثه بالدعاء بالتوفيق وقال ” وفقكم الله في مشاريعكم “

وفي حديثه عن الغواصة الحديثة ومتعددة الأنظمة الفيزيائية والتي تستطيع الوصول إلى أعمق نقطة تصلها مركبة بشرية في المحيط وتفوقت على الغواصة اليابانية شينكاي يقول المخترع مهنّد بأنني وعلى خلاف ما سمعته مرارًا وتكرارًا فإنني قد وجدت الرعاية والتشجيع من الجميع ، وما زالت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تساندني في سبيل تطوير أعمالي والوصول بها إلى الأفضل. ولم يكن ممكنًا لي أن أصل إلى ما وصلت إليه لولا توفيق الله سبحانه ثم هذا التشجيع والدعم المتواصل من مؤسسات المملكة العلمية والتعليمية .

وكأحد أبناء منطقة جازان أشعر بالسعادة البالغة لمثل هذه الزيارة ، وبالفخر العميق لكوني في هذا الوطن أحظى بدعم وتشجيع يندر أن يكون له نظير في الدول الأخرى .

وما زلت أطمح بأن يصل اختراعي للعالمية بتحقيق عمقًا قياسيًا لا تصل إليه الغواصات الحالية ، وبذلك يتم تسجيل الاختراع ضمن موسوعة جينيس للأرقام القياسية .

الكثير من الاختراعات

من ابتكاراته ايضا تقنية جديدة لأقلام الكتابة هي الأولى من نوعها عالميا وتقدم العديد من المميزات الجديدة في هذا المجال.

فقد تمكن مهند جبريل أبودية، الطالب بقسم هندسة الفضاء بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن من تصميم أقلام ذات نهايات ممغنطة تتفاعل مع ورق خاص، تمت إضافة بعض الأنسجة المعدنية إليه، ويمكن وضع هذه الأنسجة في الدفاتر العادية مما يحسن خط المستخدم لهذه التقنية بنسبة قد تصل إلى 60 في المائة. وبحسب أبو دية فإن هذا الابتكار يساعد الأطفال والمصابين ببعض الأمراض العصبية من الكتابة بتناسق مذهل.

وأكد المبتكر أبو دية لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفكرة راودته عندما حاول تصميم قلم فضائي لمساعدة رواد الفضاء والغواصين على الكتابة بشكل متناسق كحل للمشكلة الموجودة، ولكن ابتكار «القلم الممغنط» أظهر مميزات أخرى تجعله مهماً بشكل كبير لشريحة عريضة من المستهلكين فضلاً عن الاقتصار على رواد الفضاء. وأشار أبودية الى أن القلم عندما تمت تجربته مبدئيا في المدارس الابتدائية بالمجمع التعليمي التابع لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ثبت أنه قادر على مساعدة الأطفال من 7 ـ 10 سنوات على الكتابة على السطر بمجرد الكتابة بهذا القلم الممغنط لمدة تتراوح ما بين 10 ـ 25 يوماً.

وتمت تجربة الابتكار خلال الفصل الدراسي الثاني من العام الماضي على طلاب المرحلة الابتدائية، وكان طلاب صف أول ابتدائي، هم المستهدفين في التجربة، وتم دراسة وتحسين الابتكار، خلال فترة التجربة، طوال العام الدراسي، وذلك من خلال ملاحظات الطلاب.

ويشير أبودية إلى أن أهمية القلم تتمثل في أن اللغة العربية بشكل عام تشكل صعوبة على الأطفال في كتابتها، حيث ان حروفها متصلة، مما يصعب على الطالب في بداية الأمر الثبات طول المسافة التي تحتاجها الكلمة لكي تكتمل على استقامة أفقية، مضيفاً أن الكتابة بواسطة القلم الجديد تجعل الأمر أكثر سهولة، وقال ان الابتكار ليس فقط خاصا بالكتابة باللغة العربية، بل لكل اللغات المكتوبة ما عدا بعض اللغات الشرق آسيوية التي تكون الكتابة فيها من الأعلى إلى الأسفل «إننا بصدد تصميم قلم خاص لتلك اللغات قريبا» وبين ابو دية أن المكفوفين يمكنهم الكتابة بواسطة هذا الابتكار من دون الخوف من عدم التناسق أو الخروج عن السطر. مضيفا أنه «عندما عرض ابتكاره على بعض الأطباء رأوا فيه الحل للمصابين بحالات الرعشة الحركية، كالباركنسون (شلل الرعاش)، وإصابات منطقة المخيخ، والذين يعانون من عدم القدرة على الكتابة باستقامة».

ويطمح أبو دية مستقبلاً لعرض هذا الابتكار في مختلف المعارض العالمية وذلك من ضمن 22 اختراعاً قام بتنفيذها، وذكر أن الابتكار الأخير لم يتم تسجيل براءة اختراع به حتى الآن، وذلك لطول الفترة التي قد تصل إلى 4 سنوات للحصول على براءة الابتكار.

من جهته ذكر علي الغشيري المشرف العلمي للنشاط الطلابي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن الابتكار تم اختياره لتمثيل الجامعة في الأسبوع العلمي الذي تقيمه الجامعات في مجلس التعاون الخليجي، في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.

وأضاف الغشيري أن التجارب التي تمت على الابتكار أعطت نتائج مهمة في تحسن الخط والثبات أثناء الكتابة، مما سيجعل تعلم الكتابة للأطفال أمراً سهلاً.

وقال الغشيري انه في حال تم تصنيع هذا الابتكار سيكون له رواج كبير خصوصاً لدى أطفال الصفوف المبكرة، ومن يعانون من عدم الثبات أثناء الكتابة وهذه المشكلة واضحة لدى طلاب الصفوف المبكرة، وبهذا الابتكار سيتحسن أداؤهم بشكل كبير، مما سيعطيهم دافعية أكبر للتعلم.