إنّ للدعاء المستجاب عدَّة شروطٍ، جعلها الله -تعالى- ميسورةً ومقدورةً للخلق، وليكون دعاء العبد أولى بالإجابة فعليه أن يحقِّق هذه الشروط، ومن شروط الدُّعاء ما يأتي:
دعاء الله في كلِّ وقتٍ وفي الرخاء قبل الشِّدة.
الرِّزق الحلال. كثرة الاستغفار والإقرار بالذنب وترك المعاصي.
رد الحقوق إلى أصحابها. أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
أن يدعو بالخشوع والخضوع وأن يتضرَّع إلى الله -تعالى- بقلبٍ حاضرٍ غير لاهي.
أن يدعو الله -تعالى- فقط ويدعوه بأسمائه وصفاته.
أن لا يدعُ بمعصية ولا يعتدي بالدُّعاء . أن يتوضأ ويتوجَّه إلى القِبلة في دعائه.
أن يدعو بيقينٍ وجزمٍ وإلحاح.
أن لا يستعجل الإجابة.
أوقات استجابة الدعاء
للدعاء أوقاتٌ يكون فيها مستجاباً أكثر من باقي الأوقات، وهذا أيضاً من رحمة الله -تعالى- بخلقه، حيث أطلعهم على أوقات يستجاب بها الدعاء، ومنها ما يأتي:
عند النداء أي عند الأذان وعند التقاء الجيوش لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ثِنتانِ لا تُرَدَّانِ، أو قلَّما تُردَّانِ: الدعاءُ عِندَ النِّداءِ، وعِندَ البأسِ حينَ يُلحِمُ بعضُهم بعضًا).
بين الأذان والإقامة ودليل ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الدعاءُ لا يُردُّ بين الأذانِ والإقامةِ).
ساعة من ساعات الليل لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ).
في السجود لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).
ساعة من ساعات يوم الجمعة حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ في الجُمُعَةِ لَساعَةً، لا يُوافِقُها مُسْلِمٌ، قائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ).
بعد الصَّلاة على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في التشهُّد الأخير يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “كنت أصلي فلما جلستُ بدأتُ بالثَّناءِ على اللهِ، ثم الصلاةُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثم دعوتُ لنفْسي”، فقال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (سَلْ تُعطَهْ، سَلْ تُعطَه).
في جوف وبعد الصلوات المكتوبة حيث سئل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (قيلَ يا رسولَ اللهِ: أيُّ الدُّعاءِ أسمَعُ قال جوفَ اللَّيلِ الآخرِ ودُبُرَ الصَّلواتِ المكتوباتِ).
أماكن يستجاب فيها الدعاء ورد في السنَّة النبويَّة تحديد بعض الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء، ومن هذه الأماكن ما يأتي:
الدعاء في الطواف لدعاء النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بين الركن اليماني والحجر الأسود بقوله: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
الدعاء على الصفا والمروة ثبت أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو ويقول: ( أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ).
عند رمي الجمرات لفعل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- الذي يحدِّث به عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حيث كان: (يَقُوم مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فيُسْهِلُ ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ثم يقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ).
أماكن اجتماع المسلمين لمجالس الذكر لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه عن ربِّه في فضل مجالس الذكر حيث يقول الله -تعالى-: (قدْ غَفَرْتُ لهمْ فأعْطَيْتُهُمْ ما سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ ممَّا اسْتَجَارُوا، قالَ: فيَقولونَ: رَبِّ فيهم فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إنَّما مَرَّ فَجَلَسَ معهُمْ، قالَ: فيَقولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ القَوْمُ لا يَشْقَى بهِمْ جَلِيسُهُمْ).
موانع استجابة الدعاء
قد يدعو المسلم ويكثر الدعاء إلَّا أنَّه لا يُستجاب له لصدور مانع من موانع استجابة الدعاء، ومن هذه الموانع ما يأتي:
استعجال الإجابة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك فقال: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ).
الدعاء بالإثم أو قطيعة رحم لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ).
أكل مال الحرام لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ( ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟)