[ad_1]
هذه الروح لا تعمل فقط على تفسير الأحداث، ولكنها أيضا تصبح خارطة طريق سياسية واقتصادية. ولعل وسائل الاتصال في العصر الحالي جعلت انتقالها أكثر قوة وسرعة وتأثيرا.
بين روح العصر وتأثير وسائل التواصل، يأتي مصطلح (التطبيع)؛ وهو يعني جعل العلاقة بين ثقافتين مختلفتين.. عادية. الطّبع في المعاجم هو: الخليقة والسجيّة التي جُبل عليها الإنسان. وهو ما طُبِعَ عليه من طباع وخصائص وصفات في مأكله ومشربه وأخلاقه.. أي أنه مزاج الإنسان وكيانه المركّب من الأخلاط.
ما يتم تسميته (تطبيعا) بين دولتين عدوتين لتحويل علاقاتهما إلى علاقة طبيعية (كأن شيئا لم يكن)، هو علاقات سياسية أو اقتصادية أو الاثنان معا.. ولكنه لا يمتد ويُصبح تطبيعا ثقافيا.. مهما طالت المسافات الزمنية.
في علم الاتصال الثقافي، ثقافة أي شعب أو مجموعة هي في حقيقتها كيان مستقل لا يوجد له مقابل أو مساوٍ في الوزن.. قد يوجد تقارب أو تشابه.. وهنا يكون التطبيع متاحا وقادرا على إيجاد موضع قدم بين الثقافتين. لكن المعادلة تنقلب على عقبيها إذا كان التكوين الثقافي منبثقا من الدين. فالدين، والحال كذلك، هو مصدر الثقافة الاجتماعية الشعبوية.. والتوجس بين أصحاب الأديان المختلفة -دون حاجة لمزيد من الشرح- هو العامل المشترك بين تلك الثقافات. مما يعني بالضرورة أن أي تطبيع ثقافي لن يكتب له النجاح مطلقا. بل حتى التطبيع على المستوى السياسي والاقتصادي لن يورّث سوى مزيد من الانعزال الثقافي.. حتى الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية ذاتها تُكتب عادة بطرف خنجر وليس بغصن زيتون كما يظهر في نشرات الأخبار.
التطبيع يعني مراجعة المصالح السياسية والاقتصادية وتبادلها حسب مفهوم روح العصر.. لكنه لن يمتد أبدا ليشمل التطبيع الثقافي مهما كانت الجهود.. على الأقل حسب المفهوم التطبيقي لنظرية الاتصال الثقافي.
كاتب سعودي
anmar20@yahoo.com
[ad_2]
Source link