[ad_1]
بحكم كينونتي «النفسية» القائمة على التسلي بالخيالات وخلق القصص، فقد خطر ببالي سؤال أو بالأحرى باغتني شعور الرغبة في سؤال: ماذا لو سقطت بنا الطائرة الآن، وكيف هو شعور السقوط أساساً؟ أقصد سقوط الجسد من أعالي الأعالي إلى وجه الأرض داخل جسم صلب وضيق وثقيل! أبداً لا يبدو الأمر قابلاً للاستيعاب ولا للتخيل من أساسه لأنه أمر مرعب للغاية إلا أن فكرة «المشاغبة» معه ليست فكرة سيئة خاصة إذا كانت على هيئة كتابة.
المشهد السينمائي الذي سال على شكل سؤال مطول هنا تسلل لي مع أول مطب هوائي تعرضنا له ورغم اعتيادي وعدم خوفي -في الغالب- من صعود الطائرة كما يحدث للكثير ممن لديهم فوبيا الطائرات إلا أنه -أي مشهد السقوط- تسلل لمخيلتي وشرعت أفكر في المشاهد التي تتالت فوق جبيني مشهداً تلو الآخر ولم تسعفني ذاكرتي لاستحضار قصص مماثلة قرأت عنها أو شاهدتها عبر التلفاز لكنني تذكرت أن الأمر سيكون حدثاً مهماً بلا شك وتصالحت مع فكرة أن النهاية محفزة خاصة أن الأمر سيواكبه ضجيج إعلامي قد ينبت على ألسنة الناس لمدة طويلة ما لم يقم مشهور أو مشهورة بالنوم في حديقة الحي أو في صحراء مع الثعابين أو حتى في زريبة للمواشي ويسرق أو تسرق منا نحن موتى هذه الطائرة التي سقطت أنظار الجماهير فينسانا الناس ولا يفكرون حتى في صناعة فيلم لقصتنا.
في المقابل؛ تخيلت نجاتي وحيداً من هذا الحدث -طبعاً أتحدث عن النجاة التامة التي ساقها لي لطف الله بي لاعتبارات لا يعلمها غيره سبحانه وتعالى- وليس النجاة بإعاقة أو ببقاء يبدو في واقعه أبشع من الموت، وكيف أنني سأكون الصندوق الأسود الوحيد الذي ستبحث عنه القنوات ووكالات الأنباء لأنقل لهم تفاصيل ما حدث وكيف كانت طريقة نجاتي من كل ذلك، وبصراحة حتى في خضم النشوة التي زارتني مع هذا المشهد إلا أنني دعوت الله أيضاً ألا يحدث ذلك بالتعارض مع مباراة للهلال والنصر أو الأهلي والاتحاد حتى لا يُخطف مني المشهد وأصبح بين عشية وضحاها الحدث المهمل من بين أنقاض أحداث العالم المتتالية.
هبطت الطائرة -ولله الحمد- وعليّ أن أُفسح لجاري الذي نام طوال الرحلة المجال بالخروج؛ لأن ابنه وزوجته في مقعدين آخرين كان من المفترض أن يكون هو ثالثهم لكن مسافرة وحيدة أجبرته على النوم بجواري. ألم أقل لكم أن رحلتنا كانت جملة ثقافية من رأسها حتى أخمص قدميها!
[ad_2]
Source link