ماطر لـ عكاظ: أنا وسيط مهموم بالمقاربات الجمالية – أخبار السعودية

ماطر لـ عكاظ: أنا وسيط مهموم بالمقاربات الجمالية – أخبار السعودية

[ad_1]

لا توجد لديّ جيوش تدافع عن أعمالي

الثقافة الجمعية طاردة للفن

في الفن متاهات جمالية لا إشارات طريق

الجمال سيجد نفسه لدى المتلقي

الفنّ لم يكن يوماً رهين التكاسل أو التساهل

في رحلتي الشّاقة.. لا ألتفت للخسارات

«شتا».. مشروع زاوج بين الكلمة والصورة

الفن متمرد ولا يبقى على شكل واحد

الفنان التشكيلي أحمد ماطر من الفنانين القليلين الذين يعتدون كثيراً بالمشاريع التي تولد من رحم التحدّي؛ لأنّ ما يأتي متعسّراً (كما يقول) عليه أن يناضل؛ لذلك بدأ نشاطه الفعلي بالمعارض العالميّة، ليس لأنّه يرفض المعارض المحليّة، لكّن الحراك المحلّي لم يكن موجوداً، كي يختار، لذلك آثر التنقل بفنّه بين عواصم عالمية كان مناخها مفتوحاً، ونوافذها كثيرة لمحاكاة الجديد في الفنون التي تغيب في وسطنا الثقافي.

يؤمن أحمد بأنّ الجمال سيجد مكانه ولو عند متلق واحد، وأنّ الفنّ ليست له متطلبات لأنّ متطلبات اللحظة تفرض نفسها عليه.

منذ سنوات غادر أحمد ماطر آل زياد مهنته طبيباً، وبرز فناناً تشكيلياً يوظّف مهنته في صناعة فنّه الذي تحوّلت معه أشعّة إكس إلى لوحة فنيّة لفتت أنظار الأوساط الفنية العالمية في لندن إلى موهبته، إضافة إلى لوحات فنيّة أخرى.

• بدأت نشاطك الفني برفقة عدد من أصدقائك في مجموعة «شتا» في 2004.. حدثنا عن هذه البداية وما صاحبها من لغط.

•• الإشكال في «شتا» أنها ولدت من رحم التحدي، وما يأتي متعسراً عليه أن يناضل بالكلمة والصورة والصوت. أتت المجموعة خليطاً من الطبيعة أو رزنامة من الغابة وتريد أن تكون حديقتها الوحيدة في قلب المدينة التي لم تتعرف من قبل على هذا الشكل الغريب. فعلنا ما بوسعنا، كان هدفنا أن يكون لون الجمال هو الفاعل، وأن نسير في حقل الفن وحده. أمّا اللغط وما دار حول التجربة فهو نتيجة طبيعة تلك المجموعة ولا بد أن يظهر. كان مشروعنا يزاوج بين الكلمة والصورة، بين الكتابة والضوء، في أعمال تدفع بعضها بعضاً إلى أشكال جديدة ولها انتماء حديث يوازن بين الحمولات المتعددة من الثقافة وبين رسالة المجموعة. كان لا بد من حراك في الراكد، وإعطاء المعنى معنى مغايراً وخارجاً عن المألوف في العملية الإبداعية المنفردة. لم تكن المجموعة في همّ محدود وفي دائرتها الضيقة بل كانت تسعى إلى الشخص العادي وتقاسمه ضوءها ودهشتها. يصاحب ذلك الكثير من الجهود الفردية غير المؤسسية وهو ما يجعل المجموعة في شرك المساءلة والعقبات المعروفة.

• معارض فنية من باريس إلى لندن إلى واشنطن والقاهرة ودبي وبرلين، لماذا ليست الرياض أو جدة أو أبها؟!

•• لم يكن رفض المحلي قائماً، ولكنّ الحراك المحلّي لم يكن موجوداً لنختار خارج الخريطة الحضور والانخراط في التنقل بين عواصم عالمية. في تلك البلدان كان المناخ مفتوحاً، والنوافذ كثيرة لمحاكاة الجديد في الفنون غير الحاضرة في وسطنا الثقافي والتي بقيت لوقت طويل يُناط الاهتمام بها إلى النخب وليس الثقافة العامة أو المجتمع ككل. لقد ساهمت تلك المدن الكبرى في صناعة محتوى كبير جعل من المشاركة واجباً للحضور والفعل والتحدي، ولم تكن عاملاً لمحاباة الآخر دون المحلي، ولم تكن فقط للإغراء ووهج صفة «العالمي» بقدر ما كانت وسيلة لرفع الوعي محلياً وحتى تجد تلك الفنون مكانها في صيرورتها محلياً.

وهذا الوصول إلى أبواب تلك المدن العالمية وساحاتها ومراكزها لم يكن هدفي بل هدف العمل الذي أسعى به للاختلاف فقط.

• هناك من يرى في تجربتك أفكارا مبتكرة وبسيطة جداً.. هل هذه متطلبات الفن اليوم؟ أم أن قراءة أعمالك الفنية ما زالت متأخرة عن الأعمال التي تقدمها والأفكار التي تحملها تلك الأعمال؟

•• عندما تعتمد نقل الصورة التي قرأتها بمنظارك الخاص وقولبتها بمكنة فنية عندها يأتي الدور الأهم وهو كيفية محاكاتها لعين المشاهد ولسان القارئ وعقل المتدبر. القضية ليست مطروحة للتحدي بقدر ما هي موضوعة أمام مختبر الإمكانات وآليات الشكل الذي تريده أن يظهر ويطرح. أترك للعين أن تقول وأن تترجم بينما أنا وسيط مهموم بالمقاربات الجمالية وحشد الأدوات في اللوحة أو العمل الماثل لفحص المتلقي ومشارطه التي لا ينازعه فيها أحد. ليس لدي أي جيوش دفاع عن أيّ عمل، فالجمال سيجد مكانه ولو عند متلقٍ واحد. ثم لا توجد متطلبات للفن أمس أو اليوم أو غداً، فالفن يفرض متطلبات اللحظة لأن العمل الواحد يتوق لشكله وفق المواصفات الفريدة التي تقدرها له والمحققة لخصائصك الفنية. ولا يوجد تأخر بين العمل والفكرة، فهما متلازمان ما يوجد لديك ذخيرة من الأعمال المكتملة خلاف المشاريع الطويلة التي تساهم بكل الوقت في ميلادها.

• تحسب على الفنانين الشباب الذين عادة أعمالهم الفنية لا تقابل بترحيب كبير من الفنانين الكبار الذين سبقوكم أعماراً وتجارب.. كيف ترى العلاقة بين جيلك والأجيال الفنية التي سبقتكم؟

•• الفنون في طبيعتها امتداد طويل لأياد مخلصة، وأنت تأتي إمّا أن تهب مفاصلك التي تشير لجديد أو لن تكون في الذاكرة وقائمة الاعتراف الفني. التنوع هو ما يجعل للفنون تميزاً باختلاف تلك الأيادي أو التجارب على نحو دقيق. وهناك أسماء في تاريخ الفنون السعودية ذهبت بامتياز التفرد والنوعية بعيداً، وهو ما يجب أن يكون عليه مضمار العمل ولا تخوم تقارب الطموح الذي يسعى إليه الفنان الذي يلزمه أن يهجس بالاختلاف وإلاّ سيكون العادي والمتاح الذي يستطيعه أي فرد. كما أنّ الرؤية ملازمة لروح الفنان دون أن يحدّها سقف. ولا يُمكن بأي حال من الأحوال قياس تجربة اليوم بتجارب الأمس إلاّ في التسجيل التاريخي، بينما هناك فوارق كبيرة في السمات والمعطيات، فضلاً عن التقنيات والأدوات ووسائل التوصل. أستطيع القول إنّ الفنان يفرض نفسه دون أيّ يد أخرى.

• لديك تجربة مختلفة تقدم من خلالها أعمالاً مستوحاة من الموروث الشعبي والفن المعاصر، وتستخدم فيها عدداً غير محدود من المواد المختلفة كالألوان، والصور الفوتغرافية، والخط والرسم مروراً بالفيديو والشاشات، وانتهاءً ببعض الخامات الغريبة مثل قطع البلاستيك وبرادة الحديد.. هل تسعى من خلال هذا التشكيل إلى تغيير مفاهيم الناس عن الفن التشكيلي؟

•• لديك من المكونات ما تسبر غورك وتحارب بها ولأجلها كل العمر، ثم تأتي الأدوات ووسائل الصقل التي تستمدها بالمعرفة والاحتكاك والمطالعة والمشاركة. كل ما تفعله في السيرة الطويلة هو أن تكون أنت وحدك لا غيرك. وتطويع قدراتك للفن هو ما يجعل منك «أنت» وليس سواك. وكل هذا المحفل من التجارب والسنوات لم يكن لتعليم الناس وتغيير مفاهيمهم، فأنا مُجَيَّر للجمال، لهذا العشق اللانهائي، كما أنّه لا تُوجد مفاهيم ثابتة يتلبسها الناس عن الفن، فالفن متمرد ولا يبقى لأحد على شكل واحد، والثقافة الجمعية طاردة للفن أصلاً. إنما يحدث هو بناء هرمك المقلوب لتقول هذا فن. على وسائلك أن تصنع الفرق ليقرأ المتلقي ويحاكم بمفاهيمه، وليس بمفاهيم أفرضها أنا. في الفن لا تُوجد إشارات الطرق، بل توجد متاهات جمالية ليس من طبيعتها الانتهاء أو التوقف عند حدّ.

• انتقلت من مختبر المستشفى، إلى مرسم أبها، إلى محترف جدة.. ما الذي أدركته؟ وما الذي غاب عنك خلال هذه الرحلة الفنية؟

•• منذ بواكير العمل كاحتراف، وأنا أحاول أن أدرك ترميم النقصان الكبير الذي أشعر به وتعرّف اللوحات. بقول دقيق التنقل كانت تفرضه المرحلة اللازمة للتحول والتنوع والارتقاء من ضوء إلى ضوء. بينما غاب عني كل ما خسرته، ولا ألتفت للخسارات بقدر ما أنتبه لانتصار العمل والانتهاء من موجباته الحادة في ظهوره ومجابهته للجمهور وحيداً. كانت رحلة شاقة وما زالت تنبئ عن مشاق كثيرة، فلم يكن الفن يوماً رهين التكاسل أو التساهل.

• لك تجربة مختلفة في تصوير مكة المكرمة وما تشهده من تحوّلات عمرانية كبيرة.. حدثنا عن هذه التجربة.

•• بكل حمولة المكان المقدس وذخيرة رمزيته الضاربة في عمر الأرض والبشر، فقد اجتهدت أن يسير هذا العمل بمحاذاة الصبر والأناة لما له من أعمال تنقيب في الزمن، التجربة قبل كل شيء تتطلب الوقت والحرص في الكشف، ومحاذير أخرى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهوية وماهية الإنسان حول «مكة». وبدأت ملامح العمل تتشكل بتسارع الأعمال المحيطة بالحرم، ومضيت لمدة خمس سنوات في التسجيل والتوثيق حتى تجللت الحالة بروحانية خاصة أنجبت قصصاً لم تكن في القائمة ولا الوجوه التي عايشتها نصف عقد من الزمن. وكان لهذا الكنز أن ينقل الصورة بالغة الدقة والجمال لمنصات عالمية يقف فيها المتلقي في دهشة مضاعفة، أولاً لضخامة الذاكرة عن المكان، وثانياً للحكايات التي تأتي من هناك وخارجة من شقاء اليوم والمكينة وما تفعله من تحول جبّار في المشهد المكنوز مسبقاً للمدينة الأقدس والأرحب قلباً لملايين المسلمين. هذه التجربة أبقت المتلقي في أسئلة لا تنتهي عن التغيّر العصري حين يقترب من هذا الجلال الكبير وكيف إلى جواره تسير في وتيرة الآلة المتاخمة والإنسان في زحمة الحديد وفي إطار الصورة كمتوج أمام مجد العصر.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply