جوائح ما بعد «كورونا»… منصات البث تصارع للاستمرار

[ad_1]

لم يفرح أحد بـ«كورونا» كما فعل القيّمون على منصات البث. حلّت الجائحة العالمية دواءً على «نتفليكس» وأخواتها. أَدخلَها الحجرُ المنزلي عصرها الذهبيّ، فتحوّلت إلى السلوى الوحيدة والملجأ المفضّل للناس العالقين في بيوتهم. عوّضت لهم عن النزهات وزيارة المطاعم والأندية الرياضية ودور السينما والمسرح.
وقد تزامن هذا الاستهلاك اليومي للمسلسلات والأفلام، مع بروز منصات بث جديدة. لم تعد «نتفليكس» اللاعب الوحيد على الساحة، بعد أن انضمّت إلى السباق «أمازون برايم»، و«أبل تي في بلس» و«ديزني بلس» و«HBO ماكس»، إضافة إلى منصات العالم العربي مثل «شاهد» و«ستارزبلاي» و«OSN+».
لكن ما بعد الجائحة ليس كما خلالها، فسلوكيات المشاهدين تبدّلت جذرياً مع تراجع الوباء، ما انعكس سلباً على منصات البث الرقمي، لا سيّما على «نتفليكس».

انقلاب السحر على الساحر
خلال عامَي 2020 و2021، أي في ذروة الجائحة، أُنتج أكثر من 1000 مسلسل جديد لمنصات البث. ومع نهاية 2021، كانت عائدات سوق الترفيه المنزلي قد لامست 130 مليار دولار. أما أعداد المشتركين حول العالم فقد تزايدت بشكل ملحوظ؛ فمن نحو 850 مليون مشترك سنة 2019 ارتفع العدد إلى مليار و300 مليون في 2021.
تعزّزت في تلك الآونة الاستثنائية من عمر منصات البث، ظاهرة الـbinge – watching أو المشاهدة دفعة واحدة، والتي تقضي بمشاهدة المسلسل أو الموسم الواحد، من الحلقة الأولى حتى الأخيرة من دون توقّف. فخلال فترة الحجر المنزليّ، تزعزع مفهوم الدوام والنظام، وصار الناس يَصِلون الليل بالنهار من أجل إنهاء مسلسل.
لكن ما إن تراجعت الجائحة حتى بدأ السحر ينقلب على الساحر. لا شك في أن الوباء العالمي غيّر، حتى إشعار آخر، مفهوم استهلاك الترفيه. لكنّ ذلك لم يَحُل دون تأثّر المنصات سلباً بعد التخفيف من إجراءات الإغلاق، وعودة الناس إلى عاداتها القديمة كالخروج في نزهات والعمل من المكاتب والسفر وارتياد المطاعم وصالات السينما والمسارح.
من بين سائر المنصات كانت «نتفليكس» المتضرر الأكبر، إذ سجّل سهمها في البورصة انخفاضاً كبيراً. فبعد أن وصل إلى أكثر من 691 دولاراً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، عاد لاحقاً لينخفض إلى ما دون الـ170 دولاراً. حصل ذلك بفعل تباطؤ نموّ الاشتراكات في الخدمة، وصعوبة الاستحواذ على مجموعات جديدة من المشتركين، إلى جانب تراجع نسَب المشاهدة، ودخول عنصر المنافسة من منصات عالمية أخرى.
في النصف الأول من سنة 2022، خسرت «نتفليكس» مليوناً و200 ألف مشترك، الأمر الذي أثار حفيظة كبار المساهمين في الشركة. لكن بين الربع الأخير من 2022 والشهر الأول من 2023، عاد النموّ وإنْ كان خجولاً لتستحوذ المنصة على 7 ملايين و700 ألف مشترك جديد، ما يجعل مجموع عدد المشتركين 231 مليوناً. يعود هذا النموّ إلى إطلاق المنصة أعمالاً بارزة خلال 2022، من بينها الموسم الرابع من «Stranger Things»، ومسلسل الرعب الكوميدي «Wednesday».

استراتيجية قتل المسلسلات
في مقابل النجاحات الدرامية التي أنقذت المنصة جزئياً من السقوط، اهتزّت «نتفليكس» مؤخراً على وقع إلغاء أكثر من 30 مسلسلاً من أعمالها الأصلية. الغريب في الأمر أن معظم المسلسلات التي قررت «نتفليكس» «قتلها» بعد موسم أو موسمين على بداية عرضها، كانت قد سبقت أن لاقت رواجاً واهتماماً جماهيرياً. المسلسل الكوميدي «Warrior Nun» على سبيل المثال والذي استقطب جمهوراً عريضاً، أُلغي بعد موسمين. وكذلك كان مصير مسلسل «Blockbuster» الذي لم يعمّر أكثر من شهر على الشاشة.
أما المسلسل الذي شكّل إلغاؤه صدمة بالنسبة إلى عدد كبير من مشاهدي المنصة العالمية، فهو «1899». العمل المؤلف من 8 حلقات والذي كان من المتوقع أن تتبع موسمَه الأول مواسم أخرى، أُلغي بقرار من «نتفليكس» رغم الأصداء التي حققها. لم يأتِ القرار لأن المنصة ليست من محبّذي الألغاز والخيال العلمي التي شكّلت لبّ المسلسل، بل لأن القيمين على الشركة يؤمنون بالأرقام ولا يشاهدون سواها. وحسب تلك الأرقام، لا يكفي أن يكون المسلسل حديث الصالونات ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى يحقق المشاهدات المرتجاة.
أهم ما في الاستهلاك التلفزيوني بالنسبة إلى «نتفليكس»، هي نسبة إتمام المسلسل؛ أي متابعة الحلقات والموسم كاملاً وعدم التخلّي عن العمل في ربع الطريق أو منتصفه. ويبدو أن نسبة إتمام «1899» جاءت منخفضةً مقارنةً مع توقعات المنصة. ضجر المشاهدون فوراً أو ربما تعبوا من مسلسل لم يبخل بالغرابة والتعقيدات.
للأسباب ذاتها المرتبطة بانخفاض نسبة الإتمام، لقيت دراما المراهقين «First Kill» المصير ذاته بعد موسم واحد من انطلاق عرضه. وفي وقتٍ لا يبدو أن «نتفليكس» ستتخلّى قريباً عن استراتيجية قتل المسلسلات تلك، فهي تربط منح فرصة الاستمرار بنسبة الإتمام. لكن ليست كل المسلسلات كما «لعبة الحبّار» (Squid Game) الذي أخلص له المشاهدون من الدقيقة الأولى حتى الأخيرة، فاستحق موسماً ثانياً هو قيد التصوير حالياً.

موسم الحلول الناعمة
في مواجهة تراجع حصتها السوقية وانخفاض أعداد المشتركين والمنافسة الشرسة من المنصات الأخرى، لجأت «نتفليكس» إلى إجراءات جذرية عدة، كان أحدها مؤلماً، إذ اضطرت إلى التخلّي عن المئات من موظفيها.
وأمام تراجع عدد المشتركين الدراماتيكي، استحدثت المنصة خطة اشتراك جديدة قائمة على الإعلانات وبنصف سعر خطة الاشتراك التقليدية. أثبتت هذه الخطوة نجاحها، خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تشجّع الناس على الاشتراك من جديد بسعرٍ أقلّ، وإن كلّفهم الأمر وقفات إعلانية تقاطع مسلسلاتهم المفضّلة.
مؤخراً أيضاً، خفّضت المنصة أسعار اشتراكاتها في 30 دولة من بينها 12 دولة عربية. ففي مسعى لجذب مزيد من المستخدمين، خفّضت «نتفليكس» رسوم الاشتراك بمقدار النصف.
لا توفّر المنصة طريقة إلا تلجأ إليها من أجل زيادة مدخولها. تحاول اعتماد الحلول الناعمة حتى لا تخاطر بخسارة مشتركيها. وفي تدبير سيشمل قريباً كل الدول حول العالم، باشرت «نتفليكس» مؤخراً بفرض قيود على مشاركة كلمات المرور في عدد من البلاد. بات على المشتركين تسديد رسوم إضافية إذا كانوا يريدون تقاسم حساباتهم على المنصة مع الأصدقاء أو أفراد العائلة الذين لا يقيمون معهم في المنزل نفسه.
حسب الشركة، يستخدم نحو مليون شخص حول العالم حسابات مشتركة، ما أسفر عن ضرر لحق بالإيرادات وأثّر سلباً على إمكانية الاستثمار في برامج جديدة.




[ad_2]

Source link

Leave a Reply