[ad_1]
«ريان أثر الفراشة»… عام على الجرح
تحية من «العربية» لملحمة الأمل حتى النهاية
الخميس – 2 شعبان 1444 هـ – 23 فبراير 2023 مـ
![](https://aawsat.com/sites/default/files/styles/article_img_top/public/2023/02/23/1.jpg?itok=N4teluNb)
![](https://aawsat.com/sites/all/themes/aw3/images/aawsatLogo.jpg)
بيروت: فاطمة عبد الله
عوض الله وحده يهون مرور عام على الفاجعة. فرزق العائلة بطفل بعد الخسارة، يعيد ضوءاً إلى عتمات الروح. سنة على الموت المريع للطفل المغربي ريان، فتلقي عليه «العربية» التحية، وتستعيد بوثائقي عنوانه «ريان أثر الفراشة» تحول لهو الأطفال إلى مأساة.
في عصر الأول من فبراير (شباط) 2022، خرج ريان البالغ خمس سنوات من منزل أسرته البسيط في قرية نائية بإقليم شفشاون شمال المغرب، لمطاردة التسالي المتوافرة. تقدم نحو بئر تكمن له، ولم يردعه عقله البريء من الاستجابة لمكمنها. تعثرت قدماه، فابتلعته. سقط فيها على عمق 32 متراً.
عام على الصور المؤلمة ومشهدية الجرافات والمحاولات والعيون الشاخصة على حفرة. توحد الجميع حول أمل إنقاذ ريان من تلك البئر. «العالم كله يذكره، لكن لدينا خصوصية الذكرى، فنحن أقرب الناس إليه. لن تفارقنا البصمة الحزينة»، يتقلب وجه خالته ابتسام بين البسمة والدمعة، فتعتصر «آه» القلب وتختصر الملامح.
تعود اللحظات كعمر لا يمضي ويرفض التحرك من مكانه. تريد «العربية» تكريم طفل آلم برحيله أبناء الأرض، فتغير المسار المؤثر للأحداث أمام المتابع: منذ السقوط إلى الانتشال المفجع. وما بين أيام الإنقاذ من انتظار ثقيل ودقائق بوزن جبال. المشهد بتأرجح الوجع والرجاء. بعناق النجاة والحياة. الآمال المقتولة قدرها النهوض من جديد على شكل ولادة أخرى تتلهف للبقاء.
ظنت العائلة أن إنقاذه لن يتأخر لمجرد إشعار السلطات، كما حصل مع أطفال وقعوا في آبار خلال التسالي. يتحدث الصحافي المغربي محمد سعيد السوسي عن تكرار القصة في شمال بلده بعد اهتمام إعلامي بطفلين أو ثلاثة في العالم غدرهم وقت اللعب. أول ما خطر على بال الأسرة بعدما لاحظت غياب ريان هو أن يكون قد خطف. تأتي الساعات الأولى من صباح اليوم التالي محملة بصوت استغاثة على عمق 32 متراً. إنه أنين الابن العالق في الخوف! بدأ المنقذون محاولاتهم النبيلة لنجدته.
تحرك سائق أول جرافة وصلت لإنقاذ ريان في الرابعة فجراً. «كنت خائفاً حتى وصلت باقي الجرافات. حرصنا على الحفر من الجانبين تجنباً لانهيار التربة. في البداية ظهر لي حياً، وبعدها رأيته متوفياً. شعرت ببرد قارس. زملائي أخرجوه ونحن ردمنا الحفرة»، يتكلم وحسرة النهايات الحزينة تنهك أنفاسه.
الشعور بالبرد ألم أيضاً بالصحافي المغربي محمد عادل التاطو. عبر طرقاً وعرة للوصول إلى البئر المفترسة، ظناً أن التغطية ستستمر لساعات. امتدت لأيام بين شقاء الإنقاذ وهول الجنازة. «اهتممنا بالحرص على شحن هواتفنا لننقل للعالم ما يجري»، يشير إلى واحدة من الصعاب، ليكمل مراسل «العربية» في المغرب عادل الزبيري (معد الوثائقي مع أحمد فؤاد) تعداد عراقيل ميدانية علمته المواجهة بالصبر والتحمل.
بتعليقها الصوتي، تعود علا أمطيرة إلى يوم 2 فبراير من العام الفائت. انشغلت غرف الأخبار باحتمال التصعيد العسكري بين روسيا وأوكرانيا والتوتر القائم بين الصين وتايوان، فصرف ريان الضعيف في بئره استوديوهات البث المباشر عن طبول حرب تقرع، ليحتل الخبر ويتصدر المانشيت ويقلق الرأي العام في العالم.
يشبه السوسي الحكاية بكرة ثلج تدحرجت، فتحول خبر عادي في قرية نائية إلى قصة إنسانية. أستاذ علم النفس أحمد حمداوي وصف بـ«الضحية» كل من تابع الحادث وشاهده، فالتألم درجات. برأيه، الوجع يجعل الأحياء ضحايا، فيما الأموات لا يشعرون به. لكن «الذي يعيش يحاول تقمص آلام وتماهيها».
صحافيون من المغرب مسهم ريان بأبوتهم وعلمهم أن يكونوا بشراً يتشاركون قسوة التجربة. لفحهم «شعور غريب» منطلقه «الإنسانية والأبوة». ليس فقط حيال أبنائهم في البيت، بل تجاه أطفال الأرض. كل شيء كان ملحمياً في رحلة ريان من الحفرة لأيام إلى الحفرة الأبدية: الإنقاذ، التضامن الكوني، والأمل حتى النفس الأخير. «حالة الانشغال العالمي كانت أسطورية مثل سر لم تكشف تفاصيله»، يقرأ صوت علا أمطيرة النص المكتوب بشاعرية الحزانى. «كأثر فراشة لا يرى».
تذكره خالته بأنه «لم يكن كباقي الأطفال». ميزة الطفولة شغبها وريان «كان بريئاً لكن بعقل أكبر من سنه». تعود سيناريوهات الإنقاذ إلى الواجهة، والخوف من طبيعة التربة الرملية الهشة واحتمال انهيارها على الصغير القابع في وحشته. يرتجف صوت الصحافي المغربي المقيم في إسبانيا مصطفى العباسي وهو يستعيد التوتر. سمع الكثير عن تربص الموت نظراً لقسوة الظروف وضآلة الفرص، مع ذلك «لم نأبه سوى للأمل».
على بعد أمتار من بئر ريان العالقة بين جبلين، يعلن عادل الزبيري «اختلاط المشاعر في هذا النوع من القصص». طول الساعات لم يحل دون شح المعلومات حيال المصير، فالعائلة عاجزة عن الكلام والمنقذون غارقون في النجدة.
بعض تعاطف باستحضار معاناة الطفل، وبعض بتخيل حال أسرة هالها صموده أمام الموت. ببطء، مضى الوقت حتى يوم الخامس من فبراير، موعده مع النهاية. عام ينقضي، ليعيد مولود جديد ابتسامة خطفت من العائلة. يخرج محمد الألفي شريطاً يكرم اثنين: ريان والأمل.
لبنان
منوعات
[ad_2]
Source link