«مجامع اللغة» مهددة بـ «الذكاء الاصطناعي» – أخبار السعودية

«مجامع اللغة» مهددة بـ «الذكاء الاصطناعي» – أخبار السعودية

[ad_1]

لمجامع اللغة العربية مكانة في نفوس الناطقين بلغة الضاد، ونشأ أول مجمع للغة العربية في دمشق عام 1919، أسَّسه محمد كرد علي، ثمَّ مجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1932، ومجمع اللغة العربية في بغداد عام 1947، وانتشرت المجامع من الأردن إلى المغرب وتونس والخرطوم وليبيا وفلسطين والجزائر وصولاً إلى مجمع الملك سلمان ومجمع الشارقة عام 2016، ومركز أبوظبي للغة العربية عام 2020. وللمجامع أهداف عدة منها التعريب والترجمة وتوظيف المصطلحات، وربما عانت المجامع من ضعف تمويل أعجزها عن متابعة سيل العلوم والمعارف التي أغرقت العالم في ظلِّ الاختراعات والثورات التقنية المتلاحقة، وربما لم تسهم إلى الآن في تغيير الصورة النمطية للغة العربية، وتطوير المناهج المدرسية، وإطلاق المشاريع التي تعزِّز اللغة العربية لدى شريحة الشباب. وينادي البعض بفكرة توحيد مجامع اللغة العربية في مجمع واحد، خصوصاً أن الذكاء الاصطناعي يكتسح مجالات ويرسي ثقافات ويحيي لغات ويميت أخرى، ونطرح هنا قضية العلاقة بين اللسان العربي والمجامع، ورأي المثقفين في وضعها الآني والمستقبلي.

إذ يرى الناقد الدكتور سعيد المصري أن لمجامع اللغة العربية دوراً مهماً في خدمة لغة الضاد إلا أن دورها يقتصر على الدوائر النخبوية، مشيراً إلى عجزها عن التأثير الجماهيري الذي تستحوذ عليه وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مضيفاً أنها لم تنجح في التأثير داخل مؤسسات التعليم، وتطلّع لتوحيدها في مجمع واحد قوي، عوضاً عن مجامع مشتتة وضعيفة.

فيما يذهب الشاعر إبراهيم طالع إلى أن اللغات تسود بسيادات شعوبها حضارياً لا بالهيمنة المؤسساتية.. مؤكداً سيادة «العربية» أثناء اقتران الهيمنة السياسية بالحضارية العلمية.. على يد المجتمع الذي صنع العظماء في القرون الأولى لزهو الحضارة العربية فأسهمَتْ في حفظ لغة القرآن وما حوله من السنة وما كُتب عن تاريخ وحضارة العرب ولغاتهم، وكانت لسان السلاطين والخلفاء المهيمنين. ويرى أن مجامع اللغة حفظَتْ العربية فقط للتاريخ وليس لحياة الشعوب بها، إثر التّفتّت العربي منذ عصور الانحطاط مروراً بعهود الاستعمار، فنشأت فكرة المحافظة عليها باعتبارها نوعاً من النضال، مشيراً إلى أنه بجلاء الاستعمار -مع ضمانة- التشتت القومي بين من كانوا يشكلون هوية لغوية واحدة، صار لكل وحدة من وحدات الشتات مجمعها، وعد مشاريع المجامع مجرد مشاريع شبه شخصية لها مستفيدوها وتجّارها، ولم تستجبْ لها الشعوب بلهجاتها بما في ذلك معقل العروبة في جزيرتنا العربية، فلن تكون معاجمها وإقراراتها يوماً ما مرجعاً للشعب في ثقافته اللغوية الحياتية ولا الغنائية والمسرحية والدرامية مثلاً، ولن يفيد منها سوى الأكاديميين الذين يعيدون تجميع ما كُتبَ سابقاً ثم يطلقون عليها بحوثاً. مضيفاً أن المجامع العربية لو استطاعت التوحد المؤسساتي بعيداً عن انتماءاتها القطرية المشتتة لأمكنها تطوير المعجم العربي الضخم المساير للزمن، على الأقل باعتباره سجلاً تاريخياً للعربية قبل أن يتطور ما نشهده اليوم من مدّ القوميات المحلية الصغرى التي تسهم بطرق كثيرة في انحسار العربية من بعض هذه الأقطار.

ويذهب الباحث علي بن الحسن الحفظي إلى أننا على امتداد وطننا العربي من المحيط إلى الخليج نعيش فترات ثقافية تخدمنا فيها المجامع، كون أجيال نشأت على حس مجمع اللغة العربية واستفادت كثيراً من وجوده برعاية اللغويين وهيئاته المتعددة، إذ كانت متابعاتهم دائمة لما يدور من نشر طباعة ومنهجاً، لافتاً إلى أن الأعوام الأخيرة شهدت تراخياً عن تلك المتابعة فلم يعد المجمع يحتفي بما يدور في أوساطنا من أخطاء نحوية وإملائية وموضوعية تصب في عمق الثقافة العربية، مستعيداً المسألة الكتابية عند مخاطبة الأنثى بالذات (أنتي/‏ كتبتي/‏ قلتي/‏ رأيتي) مما يفسد الذوق العربي قراءة وكتابة، مضيفاً أن ما تقع فيه النصوص الشعرية والقصصية من أخطاء أسلوبية ومنهجية لا ترقى إلى الذائقة العربية. وكذا القصة والقصة القصيرة جداً مما يحول دون الخروج بمعنى مفيد أو رؤية ثقافية نعتمدها لفهم النص. وتطلع إلى أن تلتفت المجامع اللغوية لانتشار الأخطاء في صحفنا ومجلاتنا وحتى في محطات التليفزيون لتضع منهجاً علمياً ينتفع به الكتاب والشعراء وكتاب المقالة والقصة، ودعا لاعتماد رؤية ثقافية معتمدة على القواعد العربية التي كانت سائدة في الماضي القريب.

فيما يؤكد الشاعر محمد الجلواح أن المجامع خدمت لغة الضاد آن كانت تعد مرجعاً حقيقياً لتلك الحقبة القريبة من الأدباء الذين كانوا يستشكلون في معنى كلمة، أو غرابة مفردة، أو غير ذلك، إبان معاركهم الأدبية، وما يُنْشَر في صحف تلك العقود التي كانت ـوقتئذـ بمثابة كتب دسمة نافعة ماتعة.. فيستخرجون ما شَكَلَ عليهم من كلمات، ويُقِرُّونها بالأخذ بها في المجمع.. ويطلقونها مُعَرَّبَة، أو مستعربة أو (مفرنجة) أو(أعجمية). وعد المجامع في عصر مضى القاموس العصري الناطق فيما تطرحه من تأويلات وتعريب وتقريب للمفردات العويصة أو (النافرة)، موضحاً أنه كان يتابع بعض أخبار المجامع وما تتفق عليه وتخرجه في جديدها اللغوي من خلال صفحة (لغتنا الجميلة) التي كان يكتبها الشاعر المصري الراحل فاروق شوشة في مجلة العربي الكويتية، ويذيعها أيضاً في إذاعة صوت العرب من القاهرة بالاسم نفسه، مستعرضاً ما اتفق عليه أخصائيو وجهابذة اللغة في تلك المجامع التي في العواصم المذكورة آنفاً، من غريب المفردات وقريبها وبعيدها، ويراها أفادت بذلك ورسمت اطمئناناً ما في نفوس بعض المرتابين من هذه الكلمة أو تلك، مشيراً إلى اعتماد القواميس والموسوعات والمعاجم اللغوية المتخصصة المعاصرة الأخذ من المجامع، والاستشهاد في صفحاتها ببعض ما أقرته المجامع، وتجعل المجامع ضمن مصادرها، ومراجعها، وهوامشها التعريفية في شرح موادها اللغوية، وما هو مثبوت في القواميس منها سيبقى خالداً ومرجعاً، ولفت الجلواح إلى أن المجامع لم تحرك ساكناً منذ قيامها، كونها لم تتفق فيما بينها وبين فروعها كافة -بالشكل العام على ما يمكن الأخذ به- إلاّ بشكل محدود جداً، وغير معروف لدى الكثير.. إضافة لغيابها عن الناس إعلامياً وبعدها عن أذهان المتخصصين اللغوين والقريبين منها في الجامعات، والمراكز والثقافية وغيرها. وتساءل: أين هي عن «اليوم العالمي السنوي للغة العربية» الذي أقرته منظمة «اليونسكو»؟ ويجيب: لم نسمع لها، وعنها أي نشاط، وحضور أو تفاعل، طيلة هذه السنوات، رغم أن التغريب يستشري في معظم أبناء الناطقين بها!

وعن خدمة المجامع للسان الضاد وحمايته من التشوهات والعبث، قال: أجيب لا.. بأعلى صوت، وفي كل مكان.. فالتغريب والفرنجة ينتشران بقوة حتى بين المثقفين والأدباء أنفسهم، ولا أدل على ذلك من استخدام كلمة (OK) في الكلام اليومي بدلاً من: حسناً، وموافق، و«طيب»، وغيرها، ومجامعنا العزيزة لم تحرك في ذلك ساكناً، ولا مُتَحَرِّكا أيضاً.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply