[ad_1]
دراسة: الطاعون الأسود ربما لا يكون مصدره الفئران
الأربعاء – 25 جمادى الآخرة 1444 هـ – 18 يناير 2023 مـ
لندن: «الشرق الأوسط»
اجتاح الموت الأسود أوروبا بين عامي 1347 و 1353 وقتل الملايين. ثم استمر تفشي الطاعون في أوروبا حتى القرن التاسع عشر.
ومن الحقائق الأكثر شيوعًا عن الطاعون في أوروبا أنه انتشر عن طريق الجرذان.
وفي بعض أنحاء العالم، تحافظ البكتيريا المسببة للطاعون «اليرسينيا الطاعونية» على وجود طويل الأمد في القوارض البرية والبراغيث؛ وهذا يسمى «خزان» حيواني.
وبينما يبدأ الطاعون في القوارض، فإنه ينتقل أحيانًا إلى البشر. وربما استضافت أوروبا في يوم من الأيام خزانات للحيوانات تسببت في انتشار أوبئة الطاعون. لكن كان من الممكن أيضًا أن ينتشر الطاعون مرارًا وتكرارًا من آسيا؛ لذا فان أيٌّ من هذه السيناريوهات كان حاضرًا يظل موضوعًا للجدل العلمي.
وقد أظهر بحث جديد نُشر بموقع Proceedings of the National Academy of Sciences (PNAS) العلمي المتخصص، أن الظروف البيئية في أوروبا كانت ستمنع بقاء الطاعون في مستودعات الحيوانات المستمرة وطويلة الأجل. إذن كيف استمر الطاعون في أوروبا كل هذه المدة الطويلة؟ وذلك وفق ما ذكر موقع «the conversation» العلمي المتخصص.
وتقدم الدراسة الجديدة التي أجراها علماء بجامعتي ستيرلنغ وغلاسكو البريطانيتين احتمالين؛ الأول هو ان الطاعون كان يعاد إدخاله من الخزانات الآسيوية. والثاني أنه ربما كانت هناك خزانات مؤقتة قصيرة أو متوسطة المدى في أوروبا. وبالإضافة إلى ذلك، قد يكون السيناريوهان داعمين لبعضهما البعض.
ومع ذلك، فإن الانتشار السريع للطاعون الأسود وما تلاه من فاشيات في القرون القليلة التالية يشير أيضًا إلى أن الفئران بطيئة الحركة ربما لم تلعب الدور الحاسم في نقل المرض.
ولمعرفة ما إذا كان الطاعون يمكن أن يعيش في خزانات الحيوانات طويلة الأجل في أوروبا، قام مؤلفو الدراسة بفحص عوامل مثل خصائص التربة والظروف المناخية وأنواع التضاريس وأنواع القوارض. ويبدو أن كل هذه العوامل تؤثر على قدرة الطاعون على البقاء في الخزانات؛ فعلى سبيل المثال، يبدو أن التركيزات العالية لبعض العناصر في التربة، بما في ذلك النحاس والحديد والمغنيسيوم، فضلاً عن ارتفاع درجة الحموضة فيها (سواء كانت حمضية أو قلوية) ودرجات الحرارة الأكثر برودة والارتفاعات العالية وانخفاض هطول الأمطار، تعمل على تطوير الخزانات الثابتة، رغم أنه ليس من الواضح تمامًا السبب في هذه المرحلة.
واستنادًا إلى تحليل الدراسة المقارن، كانت خزانات طاعون القوارض البرية التي امتدت لقرون أقل احتمالًا لوجودها منذ «الموت الأسود» عام 1348 إلى أوائل القرن التاسع عشر عما هي عليه اليوم، عندما استبعد البحث الشامل أي خزانات من هذا القبيل داخل أوروبا.
ويتناقض هذا بشكل حاد مع المناطق بجميع أنحاء الصين وغرب الولايات المتحدة؛ حيث توجد جميع الظروف المذكورة أعلاه لخزانات «اليريسينا» الثابتة في القوارض البرية.
أما في آسيا الوسطى، فقد تكون خزانات القوارض طويلة الأمد والمستمرة موجودة منذ آلاف السنين. كما يلمح الحمض النووي القديم والأدلة النصية، أنه بمجرد عبور الطاعون إلى أوروبا من آسيا الوسطى يبدو أنه قد زرع بذرًا قصيرًا أو متوسط المدى أو خزانات في القوارض البرية الأوروبية. حيث ان المكان الأكثر احتمالا لهذا كان وسط أوروبا.
ومع ذلك، نظرًا لأن التربة المحلية والظروف المناخية لا تفضل الخزانات طويلة الأجل والمستمرة، فقد كان لا بد من إعادة استيراد المرض، على الأقل في بعض الحالات. إلّا ان الأهم من ذلك، أن السيناريوهين ليسا متعارضين.
ويوضح الباحثون انه «للتعمق في دور الفئران بنشر الطاعون في أوروبا، يمكننا مقارنة حالات تفشي المرض المختلفة؛ فقد بدأت جائحة الطاعون الأول في أوائل القرن السادس واستمرت حتى أواخر القرن الثامن. فيما بدأ الوباء الثاني (الذي شمل الموت الأسود) في ثلاثينيات القرن الثالث عشر واستمر خمسة قرون. وبدأت جائحة ثالثة عام 1894 ولا تزال موجودة في أماكن مثل مدغشقر وكاليفورنيا. وقد شملت هذه الأوبئة بشكل كبير الشكل الدبلي من الطاعون، حيث تصيب البكتيريا الجهاز اللمفاوي البشري (جزء من دفاعات الجسم المناعية). اما في الطاعون الرئوي فتصيب البكتيريا الرئتين».
وفي هذا الإطار، اختلفت أوبئة الجائحة الثانية اختلافًا جذريًا في طبيعتها وانتقالها عن الأوبئة الحديثة؛ فهي أولاً، كانت هناك مستويات مختلفة من الوفيات بشكل لافت للنظر. وثانيًا، كانت هناك معدلات وأنماط مختلفة للانتقال بين حقبتي الطاعون هاتين. كما كانت هناك اختلافات هائلة بوتيرة وسرعة النقل بين الحيوانات والأشخاص بين أواخر العصور الوسطى واليوم (أو أواخر القرن التاسع عشر). ومع ذلك، انتشر «الموت الأسود» والعديد من موجاته اللاحقة بسرعة مذهلة. وبغض النظر عن كيفية بدء الموجات الأوروبية المختلفة للوباء الثاني، فإن القوارض البرية وغير البرية (الفئران)، أولاً وقبل كل شيء تتحرك بشكل أبطأ بكثير من وتيرة الانتقال حول القارة.
وثالثًا، تُظهر موسمية الطاعون أيضًا اختلافات واسعة. فقد تابعت أوبئة الجائحة الثالثة (باستثناء الحالات النادرة، وبصورة أساسية الطاعون الرئوي) دورات الخصوبة لبراغيث الجرذان. وهي ترتفع في ظروف رطبة نسبيًا (على الرغم من أن انخفاض هطول الأمطار مهم لتأسيس خزانات الطاعون لأول مرة) وضمن نطاق درجة حرارة بين 10 درجات مئوية و 25 درجة مئوية.
وتثير هذه الاختلافات سؤالًا حاسمًا حول ما إذا كان الشكل الدبلي للطاعون يعتمد على قوارض بطيئة الحركة لانتقاله، بينما بدلاً من ذلك يمكن أن ينتشر بشكل أكثر كفاءة بشكل مباشر، من شخص لآخر. لذا تكهن العلماء أن هذا يمكن أن يحدث بسبب الطفيليات الخارجية (البراغيث وربما القمل) أو من خلال أجهزة التنفس لدى الناس ومن خلال اللمس.
الجدير بالذكر، تحتاج أسئلة مثل الأدوار الدقيقة التي لعبها البشر والجرذان في أوبئة الطاعون السابقة إلى مزيد من العمل لحلها. لكن كما أوضحت هذه الدراسة وغيرها، يمكن اتخاذ خطوات كبيرة إلى الأمام عندما يعمل العلماء والمؤرخون معًا.
المملكة المتحدة
الصحة
[ad_2]
Source link