[ad_1]
سيرة الفنانة اليابانية بوثائقي تعرضه «نتفليكس»
«ليزا، يوم عظيم آخر»… قوة تقبل النفس
السبت – 27 شهر ربيع الأول 1444 هـ – 22 أكتوبر 2022 مـ

فنانة اليابان ليزا أنقذت نفسها بالموسيقى

بيروت: فاطمة عبد الله
ليزا، مغنية يابانية خسرت أشياء تعنيها منذ الطفولة. أدركت ذلك وراجعت الماضي، فتأكدت مما جعلته يقينها: «لم تبقَ لي سوى الموسيقى»، فحاولت ألا تخسرها لتربح سعادتها. «ليزا، يوم عظيم آخر» (LiSA Another Great Day)، وثائقي تعرضه «نتفليكس»، يعبُر فوق عشر سنوات من مسيرتها. لم تصبح على ما هي عليه إلا بعد اتخاذها القرار الشاق: «لن أكذب على نفسي وسأؤمن بها. تحدث الأمور الحسنة حين يصدق المرء داخله، كما يصدق طفل كلام أمه».
نحو ساعة ونصف ساعة من الإيمان بالأيام العظيمة الآتية. يوم انهمكت الصحافة بأخبار تتعلق بحياتها العائلية، وقفت على المسرح تقدم للجمهور لحظة مصارحة. صفق الناس لجرأة شابة تواجه مشاكلها الشخصية من دون مواربة. توجهت للحشد:
«كل يوم في جميع أنحاء العالم، يتعرض البشر لمواقف صعبة (…) على هذا المسرح تأكدتُ بأن لدي مكاناً أستطيع العودة إليه لأجد أن الناس في انتظاري».
لذا، قررت المضي قدماً. عثرات ليزا ولدها شعورٌ باتساع نقاط ضعفها. ويوم أدركت التفاف الأحبة حولها ودعم المُصرين على نجوميتها، تيقنت من أن النظر إلى الأمام، وإن لم يوصلها إلى حل سحري، فقد يساعدها على شفاء كثير من الجراح.
سيرة فنانة من اليابان رأت في «العيش بصدق» مقدمة لبلوغ نقطة تحول طال انتظارها. ارتمت بين معضلتين: السعادة الممكن تحققها، والرضا المستحيل. وظلت في الوسط بين كباشهما. لم تكن تسعى لتصبح مغنية «إنيمي»، إنما عزمت ألا تفلت الفرص من يدها. تصميمها رسم مصيرها.
كانت مجرد طفلة سليطة اللسان قادمة من الريف. أحبت الغناء فباغتها بالخيبات. استدلت بحدسها على حقيقة أكيدة: نهاية الشيء لا تعني نهاية الحياة. يسهل انهمار الدمع من عينَي ليزا، فتتقاطع في الذرف مع أمها المرهفة. تظهر مرات وهي تبكي خلال غنائها، فتُبلل بدمعة تأثر روح الفن العظيمة. الفيلم هو السنوات العشر من البداية إلى الشهرة، وما ينتظر الاكتمال ليتحقق. سيرة تضخ متابعها بقشعريرة إلهام تسري في البدن، لتحرضه على الثقة بالخطوة مهما تراءى الدرب طويلاً.
وضعت أمامها حلم الغناء في «طوكيو دوم». خلال أدائها أغنية «كاتش ذي مومنت»، شجع الجميع أهدافها وقرروا ضمان إقامتها حفلاً في كوهاكو. لم تعانقها الأضواء إلا بعدما لمست عتمة ليزا التي تعيش في داخلها. دربتها الخيبة على القوة، والإحباط على الاندفاع نحو صناعة الأشياء بحرارة. بالموسيقى أُنقذت.
وطدت الصلة مع الآخرين من خلال ما تقدمه وما يمنحهم السعادة، فصاغت معادلتها: «إذا مُنحتُ فرصة القيام بشيء يجعلهم يستمتعون، فسأبذل جهدي من أجل ذلك». تظهر أمها في الشريط كقائدة وملهمة. الأجيال الثلاثة، الجدة والأم والحفيدة، يجلسن على الأرض مع كلب المنزل الوفي. جدتها التي تُردد من أقوالها أن «الأشجار تتمايل، أتساءل عما ينمو خلال الربيع»، لا تزال حية؛ وفنانة اليابان تحتفظ بوصيتها. ما يظهر حميمياً هي العلاقة بالأم وأثرها في إهداء جناحيها للسماء.
أنجبتها وهي في الحادية والعشرين، وانفصلت عن والدها بعد ست سنوات. علمت ليزا أنها تعمل ولا تملك وقتاً للراحة. وعلمت أيضاً أنها تبكي أحياناً تحت دوش الاستحمام لشعورها بالإرهاق من الكفاح للبقاء. في غابة اعتادت الأم على الاختلاء بنفسها بين أشجارها العالية، راحت الابنة تسير بين الأوراق والظلال. «أستطيع التجول إلى الأبد»، تقول مَن شاءت الاعتماد على نفسها لتصبح شخصاً مسؤولاً بأقصى سرعة.
يرتطم المطر بشباك سيارة تقود ليسا في شارع بجانب جمال الطبيعة، فتتذكر موقفاً يؤكد الأمومة البديعة. كانت لا تزال في المدرسة، حين رفضت الإدارة تسجيل اسمها في رحلة ميدانية بذريعة أنها لا تتردد لتلقي الدروس بانتظام. صرخت الأم في وجه الرافضين: «آمنوا بها من فضلكم!». رنت العبارة في بالها، وهي تكبُر وتواجه، فتقع وتنهض. رافقها في تقلباتها شعور الأم النبيل بالانحياز إليها. حين اختارت طريقها، اتخذتها ملاكها.
جميلٌ جعلُها الموسيقى أملَها المتبقي لمنحها إرادة العيش. لمحت في وجهتها الجديدة طريقين: السفر إلى خارج اليابان والبداية من الصفر، أو الذهاب إلى طوكيو لاغتنام الفرص. اختارت المدينة، وراح الحديث عن المخاوف يتبدد للارتقاء برفع شأن الإصرار والأمل.
لم يخطئ يقينها بأن «الحياة وحيدة للغاية»، لذا تصبح مرهفة حيال دفء الأصدقاء ولطف البشر. يشمل الشريط مرحلة «كوفيد – 19»، حين فرغ جدول أعمالها وانقض القلق. كان قرارها أن تتعلم وتمنح صوتها دروساً إضافية. عادت تلميذة «من الصفر».
تصطحب معها أشياء قيمة تختزل حضارة بلادها وهي تجول في الخارج: الألحان اليابانية، الـ«إنيمي» الذي يستمتع به اليابانيون… تدرك أن ثمة شيئاً في اليابان يستطيع الآخرون الاحتفال به وإن اختلفت الثقافات.
لازمتها الحاجة إلى تكثيف العطاء بأي ثمن، برغم كوابيس طاردتها عن فقدان صوتها ومغادرة الناس المسرح. العبرة من المشاهدة ساطعة منذ البداية إلى النهاية: قد لا يستطيع المرء قتل جميع نقاط ضعفه، لكنه يجب أن يتقبل نفسه.
لبنان
موسيقى
[ad_2]
Source link