[ad_1]
تلك القراءة عن الأفكار والتصرفات الفوقية التي لا تحترم قيم وسيادة وخيارات وبيئات ومقومات الشعوب الأخرى المتأصلة في أذهان بعض السياسيين الغربيين، من شواهدها مؤخرا:
· البيان المشترك الذي اعتمدته المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بخصوص الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج، الصادر في ١٨ مايو ٢٠٢٢. فالأوروبيون يرون هذه الشراكة من منطلق أنهم القادرون على هدي الدول للطريق القويم. فأورد بيانهم أن الاتحاد الأوروبي، بصفته مدافعا قويا عن التعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة للجنس (الجندر)، لديه الكثير مما يمكن أن يقدمه لدول الخليج، التي لا تزال بنظرهم لديها إشكالات متصلة بقضايا: حقوق الإنسان، والديمقراطية، وحرية الدين، والحكم الرشيد، وحرية الرأي والتعبير، وتمكين المرأة، والتمييز الجنسي. ولم يخفوا نياتهم المبيتة للتفرد بالتأثير والسيطرة دوليا، فأشار بيانهم إلى أن دول الخليج ومؤسساتها المالية تعد مانحا رئيسيا للمساعدات الإنسانية والتنموية ولكنهم يقدمونها بشكل ثنائي والأنسب أن تتم عبر المنظمات الدولية، التي طبعا يتحكمون بإدارتها. ولا يحضرني أدنى شك في أن دول الخليج العربية تدرك تلك النيات والمفاهيم الخبيثة، وتتعالى عن قبولها في وثيقة شراكاتها مع أي كان.
· الشهادة التي أدلى بها السيد مايكل راتني، المرشح سفيرا لأمريكا لدى المملكة، أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في ١٦ يونيو ٢٠٢٢، حيث قال إن قضايا حقوق الإنسان تمثل مرتكزا رئيسيا للعلاقات الأمريكية مع المملكة التي تبنت إصلاحات بهذا الشأن ولكنها، بنظره، ليست مكتملة بالشكل المنشود، وهو ما سوف يعده أولوية لمتابعته. متغافلا عن إدراك أن الإصلاحات التي تقوم بها المملكة تعد أمرا خاصا بها لا شأن له بها من قريب أو بعيد، ومتناسيا اتفاقية جنيف للعلاقات الدبلوماسية التي تحظر على البعثات الأجنبية التدخل بالشؤون الداخلية للدول التي تعمل بها. وفي نفس اليوم صرح أيضا وزير خارجيته انتوني بلينكن لصحيفة «بوليتيكو»، قائلا إنهم يتحدثون عن حقوق الشواذ جنسيا في كل اجتماع مع السعودية ولكن بدون جدوى. ومؤكدا على أنه منذ عام ٢٠٠٨ قامت ١١ منظمة أمريكية بضخ ما يقارب ألف مليون دولار لدعم حقوق الشواذ بمختلف الدول حول العالم. وعلى هؤلاء المسؤولين أن يدركوا جيدا أنه لا جدوى لهم، كما قالوا، من محاولاتهم للتدخل بالشؤون الداخلية وتمرير قيمهم الهدامة على دولة رائدة كالمملكة، دستورها القرآن، ويقودها ولاة أمر ثقاة مخلصون حريصون على مصالح الدين والوطن والمواطنين.
والأجدى على أمريكا والاتحاد الأوروبي استثمار يد الصداقة الممدودة إليهم من السعودية ودول الخليج لاستيعاب أسلوب الحكم الرشيد القائم لديها. والاستفادة منه لوقف التدهور بأوطانهم، بدلا من سعيهم لإقناعها بنسخ ديمقراطيتهم وقيمهم الفاشلة التي حتى شعوبهم لا تراها مناسبة لتحقيق ما يتطلعون إليه. وتشهد على ذلك الدراسات والاستطلاعات التي أجرتها مراكزهم البحثية، ومنها تقرير مركز (بيو) للأبحاث في ٧ ديسمبر ٢٠٢١ بعنوان «الرأي العام العالمي في عصر القلق الديمقراطي»، الذي أكد على تذمر الشعوب من تردي مناحي الحياة وبروز جوانب ضعف واضحة في النسيج الاجتماعي والتنظيم المؤسسي، في دول تعد نفسها راسخة بتطبيق النظام الديمقراطي والحريات الفردية. ومن أهم النتائج التي وردت في ذلك التقرير:
(1) أمريكا لا تمثل نموذجا يحتذى به للديمقراطية: وأيّد هذا الأمر غالبية من تم استطلاعهم بالدول الغربية الحليفة لأمريكا وبنسب مرتفعة، كالتالي: كندا ٨٦٪، بريطانيا ٨٠٪، هولندا ٨٢٪، بلجيكا ٨٣٪، ألمانيا ٨٦٪، أستراليا ٨٩٪.
(2) نظام الحكم الديمقراطي لا يحقق المنشود ويتطلب إدخال تغييرات أساسية أو إصلاحا شاملا عليه: تفاوتت نسب المواطنين المؤيدين لهذه النتيجة كما يلي: أمريكا ٨٥٪، إسبانيا ٨٦٪، إيطاليا ٨٩٪، كوريا الجنوبية ٨٤٪، فرنسا ٧٣٪، بلجيكا ٧٢٪، اليابان ٦٦٪.
(3) النخب السياسية بالدول الديمقراطية فاسدة وقادرة على التلاعب بالنظام لخدمة مصالحها: واتفقت أغلبية الإجابات مع هذا الطرح، حيث أيده ثلثا المواطنين في أمريكا، وكانت نسب المؤيدين ببعض الدول الأوروبية: اليونان ٨٦٪، هولندا ٥٨٪، السويد ٥٦٪، ألمانيا ٥٦٪، فرنسا ٦١٪، بريطانيا ٦٤٪.
(4) لا إصرار على الالتزام بنظام التمثيل الديمقراطي: وأيده أغلبية المواطنين الذين تم استطلاعهم في أمريكا وأوروبا، ما يدل على عدم ثقتهم بجدوى التمسك بمنهاج الانتخابات السياسية في إدارة الحكم بدولهم. وكانت النسب المؤيدة لهذه النتيجة: أمريكا ٦٠٪، ألمانيا ٥٢٪، هولندا ٥٣٪، إيطاليا ٦٣٪، بريطانيا ٦٤٪، فرنسا ٦٥٪، إسبانيا ٧٦٪.
هذه الحقائق، وغيرها العديد، تثبت بكل وضوح بلاهة بعض الساسة الغربيين الذين يطالبون الدول الأخرى باستنساخ قيمهم وأنظمتهم السياسية، مستعينين بكافة السبل المتاحة لهم، ومنها المنظمات والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير. فالكل أصبح يعي أن ما يسعون إليه هو تسويق بضاعة فاسدة على الآخرين، وتجربة ما أسموه الربيع العربي عبرة لمن يعتبر. كما أنها تظهر مدى حمق هؤلاء المنخدعين بشعارات الديمقراطية والانتخابات السياسية وحقوق الإنسان وحرية الفرد في الاختيار حتى لو خالفت قيم ومنهاج المجتمع الذي يعيش فيه. فلو كانت تلك الأمور تحقق الخير والاستقرار للدول والشعوب، لوجدنا حال مواطني الدول التي تبنت تطبيقها بخلاف النتائج أعلاه.
خاتمة: من أقوال الشاعر خلف أبو زويد الشمري:
هذا زمان مقبل منه انا ذال
ناس كلت ناس بخبث ونجاسه
قامت بصاع المنكر الناس تكتال
ودلت تباع الجوهرة بالنحاسه
وراع الجحش شره على جدع خيال
متحيزمٍ فوقه بدرعٍ وطاسه
ولباسة الجوخ الحمر وادهم الشال
صارت تغولهم عيال البساسه
اصبر وعند الله تصاريف الاحوال
والقصر مرجاعه على بني ساسه
[ad_2]
Source link