طلوع الشمس نعمة من الله تعالى؛ إذ إنّها لو لم تطلع لكان يوم القيامة، فكان طلوع الشمس فرصةً للعبد ليُجدّد توبته إلى الله تعالى، ويُكثر من الصّالحات، ويذكر الله -تعالى- ويحمده على نِعَمه التي لا تُحصى، ومن الذِّكر الخاصّ بطلوع الشمس ما يـأتي: ما رواه شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود أنّه قال: الحمدُ للهِ الذي وهبَ لنا هذا اليومَ، وأقالنا فيهِ عثراتنا

 عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه-: أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- كانَ يقرأُ في الصُّبحِ بِسورة يس

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إذا طلعت الشمس: الحمدُ للهِ الذي جَلَّلَنا اليومَ عافيتَهُ، وجاءَ بالشمسِ مِن مَطْلِعِها، اللَّهمَّ أصبحْتُ أشهَدُ لكَ بما شَهِدْتَ به لنفْسِكَ، وشَهِدَتْ مَلائِكَتُكَ، وحَمَلةُ عرْشِكَ، وجميعُ خلْقِكَ، أنَّكَ اللهُ لا إلهَ إلَّا أنتَ القائِمُ بالقِسْطِ، لا إلهَ إلَّا أنتَ العزيزُ الحَكيمُ، اكتُبْ شَهادتي بعدَ شَهادةِ مَلائِكَتِكَ وأُولي العِلْمِ، اللَّهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومِنكَ السَّلامُ، وإليكَ السَّلامُ، أسألُكَ يا ذا الجَلالِ والإكرامِ أنْ تستجيبَ لنا دَعْوتَنا، وأنْ تُعطيَنا رَغْبَتَنا، وأنْ تُغْنيَنا عمَّن أَغْنَيْتَهُ عنَّا مِن خَلْقِكَ، اللَّهمَّ أَصلِحْ لي دِيني الذي هو عِصمَةُ أَمْري، وأَصلِحْ لي دُنيايَ الَّتي فيها مَعيشَتي، وأَصلِحْ لي آخِرَتي الَّتي إليها مُنقَلَبي

ذِكر ما بعد طلوع الشّمس ما بعد طلوع الشمس يكون ارتفاعها، وارتفاع الشّمس يعني عُلوَّها؛ فيُقال: ارتفع الشّيء؛ أي عَلا، وما يُستحَبّ من الأذكار عند ارتفاع الشمس، التّسبيح والتّحميد؛ فقد رُوِي عن عمرو بن عبسة أنّه قال: ما تَسْتَقِلُّ الشمسُ فَيَبْقَى شيءٌ من خَلْقِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- إلَّا سَبَّحَ اللهَ -عزَّ وجلَّ- وحَمِدَهُ، إلَّا ما كان مِنَ الشيطانِ وأَعْتَى بَنِي آدمَ، فَسَأَلْتُ عن أَعْتَى بَنِي آدمَ؟ فقال: شِرَارُ الخَلْقِ، أوْ قال: شِرَارُ خَلْقِ اللهِ

 وما تعنيه عبارة ما تستقلّ الشّمس؛ أي أنّها ترتفع وتتعالى بقَدْر رمح، ففي هذا الوقت لا يبقى شيء ممّا خلقه الله تعالى إلّا ويُسبّحه ويحمده، فقد قال الله تعالى: وَإِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ..

فكلّ ما خلقه الله -تعالى- يُسبّحه ويحمده، إلّا ما ورد ذِكره في الحديث السابق من الشّياطين وغير المُكلّفين من الناس

وفي هذا الوقت المبارك يُستحبّ للمسلم أن يذكر الله -تعالى- بأذكار الصباح المأثورة والتي منها ما يأتي: اللَّهمَّ بِكَ أصبحنا وبِكَ أمسينا وبِكَ نحيا وبِكَ نموتُ وإليْكَ المصيرُ

أَصبَحْنا على فِطرةِ الإسلامِ، وكَلِمةِ الإخلاصِ، ودِينِ نبيِّنا محمَّدٍ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، ومِلَّةِ أبينا إبراهيمَ حَنيفًا، ولم يَكُنْ مِنَ المُشرِكين

اللَّهمَّ ما أصبَح بي مِن نعمةٍ أو بأحَدٍ مِن خَلْقِكَ فمنكَ وحدَكَ لا شريكَ لكَ فلَكَ الحمدُ ولكَ الشُّكرُ

اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في الدُّنيا والآخرةِ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في دِيني و دُنيايَ، وأهلي ومالي، اللَّهمَّ استُرْ عَوراتي، و آمِنْ رَوعاتِي، اللَّهمَّ احفَظْني من بينِ يديَّ، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فَوقِي، وأعوذُ بعظمتِكَ أن أُغْتَالَ مِن تحتي

اللَّهمَّ إنِّي أصبحتُ أشْهدُكَ وأشْهدُ حملةَ عرشِكَ وملائِكتَكَ وجميعَ خلقِكَ أنَّكَ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ وحدَكَ لا شريكَ لَكَ وأنَّ محمَّدًا عبدُكَ ورسولُكَ

ذِكر ما بعد زوال الشّمس زوال الشّمس هو الوقت الذي تكون فيه الشمس في كبد السماء، وبعد الزّوال هو بعد مَيل الشّمس عن وسط السّماء؛ أي بعد الظُّهر، وفي هذا الوقت يُستحَبّ الإكثار من ذِكر الله تعالى، وأداء العبادات، وغيرها من الأعمال الصّالحة، فعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يصلّي أربعاً بعد زوال الشّمس. وقال صلّى الله عليه وسلّم: إنَّها سَاعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السَّماءِ، فأحِبُّ أن يصعَدَ لي فيها عَملٌ صالِحٌ

وقال الله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ، والعشيّ هو الوقت من زوال الشمس إلى المغرب، ويُقال: صلاتا العشيّ؛ أيْ صلاة الظهر، وصلاة العصر

ما يُقال من العصر إلى غروب الشمس غروب الشمس هو وقت مغيبها، وقد أمر الله -تعالى- عباده بتسبيحه، قال تعالى: وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها..

وقال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ

والآصال هي جمع أصيل، والأصيل هو آخر النهار، ويُستحَبّ الإكثار من ذِكر الله وقت العصر استحباباً مؤكّداً؛ فهي الصّلاة الوُسطى التي خصّها الله -تعالى- في قوله: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ

صِيَغ تسبيح الله تعالى من صِيَغ تسبيح الله -عزّ وجلّ- قول العبد: سُبحانَ الله وبحمدِهِ، سُبحانَ الله العظيم ، فجاء في الحديث النبويّ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: كلِمتانِ خفيفتانِ على اللسانِ، ثقيلتانِ في الميزانِ، حبيبتانِ إلى الرّحمنِ: سُبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيمِ ، ومنها أيضاً: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ

وعن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: لأن أقولَ: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، أحبُّ إليَّ ممّا طلعتْ عليه الشمسُ

فتسبيح العبد لله -تعالى- يكون بترديد العبد ما شاء من صِيَغ التسبيح، ومنها كذلك: سبحان الله العظيم وبحمده، فجاء عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: من قال سبحان اللهِ وبحمدِه، في يومٍ مائةَ مرَّةٍ، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثلَ زبدِ البحرِ

 ومن أذكار تسبيح الله تعالى، قول العبد: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله رب العالمين، وجاء ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد أتى أعرابيّ إليه، قال له: علّمني كلاماً أقوله، فقال له الرسول صلّى الله عليه وسلّم: قُلْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك لهُ، الله أكبرُ كبيراً، والحمدُ لله كثيراً، سبحان اللهِ ربِّ العالَمِين، لا حولَ ولا قوّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ