[ad_1]
ويقول نقيب المرشدين السياحيين في أسوان شكري سيف الدين إن “النوبة هي المنطقة الواقعة في شمال السودان وجنوب مصر. وتسمية النوبة بهذا الاسم ترجع إلى كلمة نوب باللغة المصرية القديمة وتعني الذهب وكانوا قديما يطلقون عليها أيضا (كوش)”.
ويقول الباحث في التراث النوبي الأستاذ محمد صبحي إن “النوبة أو (كوش) ظهرت في عصر الدولة الوسطى خاصة في عهد سونسرت الأول حيث وجد اسم (كوش) مكتوبا على إحدى مقابر جزيرة إلفنتين بأسوان وهناك من يطلق عليها النوبة وتعني أيضا أرض الذهب”.
النوبة المكان والإنسان
وتمتد بلاد النوبة تاريخيا من جنوب مصر إلى جنوب نهر النيل وتقع في الجزء الممتد من الشلال الأول حتى الشلال الرابع، وتنقسم النوبة إلى النوبة السفلى والنوبة العليا، وتمتد النوبة السفلى ـ النوبة المصرية ـ حوالي 320 كم جنوب أسوان على جانبي النيل حتى الشلال الثاني عند وادي حلفا. أما النوبة العليا فتقع داخل حدود جمهورية السودان
ويضم المجتمع النوبي ثلاث قبائل كبرى رئيسية هي “العرب”، و “الكنوز” و “الفاديجكا”.
1- العرب مثلاً يقطنون وسط منطقة النوبة ويتحدثون العربية،
2- أما قبيلة “الفاديجكا” فهم يتحدثون النوبية القديمة ويقطنون المنطقة الجنوبية ولهم لهجة خاصة بهم تسمى “الفاديجكا” تنطق ولا تكتب!!
3- قبيلة “الكنوز” وأهلها يقطنون المنطقة الشمالية ويتحدثون باللهجة “الكنزية”، ويتحدثون اللغة الماتوكية.
ويضيف الخبير السياحي شكري سيف الدين نقيب المرشدين السياحيين بأسوان أن “النوبة السفلى هي النوبة المصرية، أما العليا في دولة السودان وكانت هناك قبائل تسمي قبائل البليمس تغير على النوبة السفلى بمصر ما حدا بالنوبيين في مصر إلى الاستعانة بالفرعون سيزوستريس لحمايتهم من تلك القبائل. لذا كانوا يطلقون عليه (الملك الحامي للنوبة)”.
الهجرات النوبية بعد السد والخزان
ومع بداية القرن العشرين وفي عام 1902 تفاعل النوبيون مع قرار الدولة المصرية لبناء خزان أسوان، لتخزين مياه النيل لتغمر المياه عشر قرى نوبية، فتم تهجير أهلها، وتلتها الهجرة الثانية أثناء التعلية الأولى لخزان أسوان عام 1912، وارتفع منسوب المياه وغمر ثماني قرى أخرى. وبعد ذلك جاءت التعلية الثانية للخزان عام 1933 وأغرقت معها عشر قرى أخرى، حتى تم تهجير 18000 أسرة بطول 350 كيلو متراً مع بناء السد العالي في الهجرة الرابعة.
تمت عملية النقل من النوبة القديمة إلى الجديدة إلى مركزي نصر النوبة وكوم أمبو شمال مدينة أسوان وبدأت من 18 تشرين الأول/أكتوبر 1963م إلى 22 حزيران/يونيو 1964م، وتم النقل عن طريق بواخر إلى مدينة أسوان ثم إلى القرى النوبية الجديدة في نصر النوبة وكوم أمبو عبر حافلات كبيرة.
ويقول نقيب المرشدين السياحيين بأسوان، أحد أبناء النوبة الأستاذ شكري سيف الدين، “لا نستطيع القول إن الهجرات النوبية الأولى في أعوام 1902 و1912 و1933 بعد تعلية الخزان -لا نقول إنها كانت هجرات إجبارية. كان النوبيون إما يصعدون للجبل بعيدا عن الماء وهناك من هاجر طواعية إلى مدينتي إسنا وقنا بمحافظة قنا. ولكن بعد بناء السد العالي وتكوين بحيرة ناصر وارتفاع منسوب المياه فكانت الهجرات وقتها إجبارية مع الاحتفاظ بما يسمى بحق العودة لهذه القرى بعد استقرار منسوب المياه بالبحيرة.”
وتقول الناشطة النسائية النوبية نجاة سيد علي “بعد هجرات النوبيين المختلفة تغيرت معالم كثيرة من جغرافية المكان الذي يرتبط بعادات وتقاليد نوبية موروثة وتشير إلى أن مهجري أبناء النوبة في الهجرات الأولى بعد تعلية الخزان لم يتأثروا كما تأثر النوبيون ممن تم تهجيرهم بعد بناء السد العالي وتم نقلهم لمركز نصر النوبة شمال مدية أسوان بخمسين كيلومترا”.
النداء العالمي لإنقاذ آثار النوبة
وبعد تدشين السد العالي طلبت مصر المساعدة الدولية لإنقاذ المواقع الأثرية واستجابت منظمة اليونسكو وتبنت حملة دولية لإنقاذ آثار النوبة ليأتي المتخصصون من مختلف أنحاء العالم من مهندسين ومعماريين وجغرافيين لإنقاذ المنطقة.
وخلال عقدين من الزمان تم إنقاذ الكثير من الآثار، أبرزها معبدا أبو سمبل وفيلة.
ويقول الأثري دكتور أسامة عبد الوارث، الخبير بمنظمة اليونيسكو والمدير الأسبق لمتحف النوبة بأسوان، “إن منظمة اليونيسكو لعبت دورا هاما في إنقاذ آثار النوبة وتبنت النداء العالمي لإنقاذ آثار النوبة في عام 1959 ودعت دول العالم للمشاركة في هذه الحملة. وقامت الحكومة المصرية بتخصيص صندوق لإنقاذ آثار النوبة ليضع السياسات وينظم وييسر عمل البعثات الأثرية الأجنبية والمحلية. وكان الصندوق الوعاء المالي لحصتي الحكومة المصرية واليونيسكو. ويستهدف الصرف على عمليتي إنقاذ الآثار والحفائر الأثرية والبعثات الأثرية والتي استطاعت أن تكتشف العديد من المقتنيات الأثرية والتي يتم عرضها الآن بمتحف النوبة بأسوان.”
النوبي وحلم العودة
ويحلم كثير من أبناء النوبة بالعودة إلى ضفاف بحيرة ناصر القريبة من قراهم الأصلية. ولذا أعلنت الحكومة المصرية أن تكون الأولوية لأهل النوبة في الحصول على أراض واقعة في منطقة النوبة القديمة ضمن مشروع ضخم تنفذه الحكومة لاستصلاح الأراضي. وهو ما يتماشى مع نص الدستور في المادة 236، التي تشير إلى أن “تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية لتتماشي هذه الإجراءات مع ما جاء من توصيات المؤتمر العالمي لمكافحة العنصريـة والذي عقد في آب/أغسطس 2001 قبل نحو عشرين عاما في ديربان بجنوب أفريقيا.
ويتمنى الأستاذ شكري سيف الدين نقيب المرشدين السياحيين كأحد أبناء النوبة، يتمنى “تطبيق وإقرار مبدأ حق العودة طبقا للدستور وأن يتم تعمير منطقة بحيرة ناصر.” واقترح “أن يكون تعمير قري النوبة القديمة على ضفاف بحيرة ناصر بموازاة المعابد الموجودة بالمنطقة مثل السبوع وعمدا وأبو سمبل ونفرتاي فإذا ما حدث هذا نستطيع حينئذ أن نقول لم تكن هناك هجرة.”
وخلال تجولنا بأحد البيوت النوبية التقينا بالسيدة فتيحة توليان وهي قاضية فرنسية من أصل مغربي حرصت مع زوجها السيد نيكولا على التعرف على الثقافة النوبية خاصة ما يتعلق بالمرأة النوبية.
فرنسيان مولعان بالثقافة النوبية
وتقول القاضية الفرنسية من أصل مغربي فتيحة توليان، التي كانت تزور المنطقة برفقة زوجها وقت تحضير هذا التقرير، إن ما لفت انتباهها هو “التصاق النوبيين بثقافتهم وترتثهم. وأيضا الحضور الطاغي للثقافة النوبية المستقلة داخل الثقافة المصرية.”
كما أعجبها كثيرا حقيقة أن “المرأة النوبية بتراثها وزيها وثقافتها النابعة من البيئة المحيطة، تلعب دورا بارزا في مجتمعها”.
حواء في البيت النوبي
وتمتاز بيوت النوبة التي تقع جنوبي جزيرة فيلة بروعة مظهرها وتتناسق عمارتها، وهي من طوب اللبن الممزوج بجريد النخيل وجذوعه التي كانت تستخدم لتسقيف البيوت.
استطاعت المرأة النوبية أن تحافظ على الهوية النوبية بتمسكها بالعادات والتقاليد على مستويي الشكل والمضمون فهي تعتبر المشغولات الذهبية النوبية جزءا من شخصيتها، ومن تاريخ الإنسان النوبي وثقافته، وتتعدد أسماء قطع الحُلي ومنها “الجكد” و “الزمام” و “الكردان”.
فيما يتنوع زي المرأة النوبية حسب المرحلة العمرية والحالة الاجتماعية للمرأة ويعتبر الجرجار الزي الرسمي للمرأة النوبية.
وتضيف نجاة سيد علي وهي من القيادات النسائية النوبية أن “النوبيات يعشقن الذهب النوبي القديم على رغم التقدم التقني والفني باستنباط أشكال ذهبية متنوعة إلا أن المرأة النوبية لديها حنين لذهب الماضي خاصة بالنسبة للنوبيات من الكنوز وربما يتراجع ذلك للنوبيات من قبائل الفاديجكا.”
وفي الأفراح النوبية تتنوع أشكال الغناء النوبي على أساس الآلة المستعملة في الأداء ومنها أغاني الطنبور وللنوبيين إيقاعاتهم الفنية المميزة فنلحظ أداء رقصة (الأراجيد) عند الفاديجكا، أو رقصة (الهوللي) عند الكنوز، ورقصة (الأراجيد) رقصة جماعية تشارك فيها المرأة الرجل، وهي رقصة مستلهمة من نهر النيل وموجاته المتتابعة، والسمة المميزة للحركة عند النوبيين الفاديجكا هي التمايل. أما عند الكنوز فنجد الوثب مع دق الكف بشدة.
ورغم تتابع الهجرات منذ بناء خزان أسوان وتعليته مرتين وصولا لتدشين السد العالي رغم كل ذلك فإن التراث النوبي عتيّ على الاندثار.
خالد عبد الوهاب لأخبار الأمم المتحدة.
[ad_2]
Source link