أسيرُ حربٍ كَسرت قيودَه “لبيك”.. قصة الحاج “يوسف- بتس” بين ذهول و

أسيرُ حربٍ كَسرت قيودَه “لبيك”.. قصة الحاج “يوسف- بتس” بين ذهول و

[ad_1]

18 يوليو 2021 – 8 ذو الحجة 1442
12:57 PM

أول إنجليزي يصل مكة ويؤدي المناسك قبل 350 عامًا بعدما قطع 6 آلاف كم

أسيرُ حربٍ كَسرت قيودَه “لبيك”.. قصة الحاج “يوسف- بتس” بين ذهول ودهشة!

بعد أن فرضت عليه ظروف الأسْر، العملَ لدى أحد قادة المعركة البحرية التي أُسِر خلالها في سواحل الجزائر، كَسَرت قيوده المادية والمعنوية، رحلةٌ إيمانية قطع خلالها أكثر من 6000 كيلو متر في طريقة إلى مكة.

“الحاج يوسف” كان الاسم الذي اكتسبه الرحالة الإنجليزي “جوزيف بتس” بعد أن أدى مناسك الحج في حدود عام 1680م في كنف أحد الجزائريين الذي أخذه من الجزائر ليرافقه في رحلة على الجمال من الجزائر إلى مصر ومنها بحرا إلى ينبع ثم جدة فمكة.

يُقدر مترجم رحلة “بتس” الدكتور عبدالرحمن عبدالله الشيخ، مجمل الفترة التي قضاها الرحالة في بلاد المسلمين، خاصة الجزائر، بـ15 عامًا، أدى خلالها فريضة الحج، فكانت هذه الفريضة سببًا لفكاكه من الأسر؛ حيث عاد إلى الجزائر وعاش فترة من حياته هناك قبل أن يقرر المغادرة إلى إنجلترا.

أربع قوافل حج تصل لمكة المكرمة كل عام، وصف طرقها البرية “بتس” في مذكراته المنشورة بالإنجليزية قبل 300 عام تقريبًا؛ مشيرًا إلى أن الأولى تنطلق من مغرب العالم الإسلامي “القافلة المغربية”، وتبدأ رحلتها من فاس ومراکش؛ حيث يتجمع الحجاج في هذه القافلة ويلتحقون بها من سائر بلاد المغرب، وهي قافلة برية في الأساس حتى تصل مصر، ويصدر “أمير الحج” أمرًا للقافلة بالتوقف في كل مدينة يمر بها؛ ليتيح الفرصة لمن يرغب بالالتحاق بها؛ حيث يستقبل أهل المدن القافلة ببهجة بالغة لمكانتها الدينية في نفوسهم.

القافلة الثانية تنطلق من القاهرة وتحمل معها كسوة الكعبة المشرفة، ويلتحق بها جمع كبير جدًّا من الحجاج، لأنها أفضل تسليحًا، ومن ثم فإن الحجاج الملتحقين بها في وضع أكثر أمنًا، أما القافلة الثالثة فهي “قافلة الشام”، وتضم الحجاج القادمين من الشام وتركيا والأناضول، وتصل هذه القافلة الديار المقدسة دون المرور على مصر، و”قافلة الهند” هي الرابعة، وتنطلق من جزر الهند الشرقية، وتحمل معها بضائع قيمة ومختارة يشتري منها الحجاج من مختلف الأجناس في مكة المكرمة.

“الأدلّاء” هو الوصف الذي أطلقه “بتس” على الأشخاص الذين كانوا يستقبلون الحجاج في جدة -يقصد المطوفين- ليعلموهم مناسك الحج التي “يجهلها” الكثير من الحجاج القادمين من خارج الجزيرة العربية.

مثلت لحظة دخول مكة الدهشة الأولى للرحالة الغربي، فحرص على توثيقها بدقة فيقول: “بمجرد وصولنا إلى مكة المكرمة، سار بنا الدليل (المطوف) في شارع واسع يتوسط البلدة ويؤدي إلى الحرم، وبعد أن أنخنا الجمال، وجهنا الدليل إلى حوض الماء للوضوء، ومن ثم ذهب بنا للحرم فدخلناه من باب السلام، وقد تركنا أحذيتنا عند شخص موكل بها قبل الدخول، وبعد اجتيازنا مدخلًا استغرق اجتيازه خطوات قليلة، وقف المطوف ورفع يديه صوب بيت الله الواقع وسط المسجد الحرام وحذا الحجاج حذوه ورددوا وراءه الكلمات التي يقولها”.

يُجمع الكثير من المؤرخين أن “الحاج يوسف” الأول من أبناء بلده الذي وصل لمكة المكرمة وأدى مناسك الحج في عام 1680م، والثاني على قائمة الرحالة الأوروبيين الذين زاروا الديار المقدسة بعد البرتغالي لودفيكو دي فارتيما في عام 1503م مرافقًا للمماليك في قافلة حج.

وصف “جوزيف” في كتابه مشاهد من المسجد الحرام؛ حيث بيّن أنه كان له 42 بابًا في تلك الفترة، وتتوسطه الكعبة المشرفة وهي مكسوة بالقماش الأسود ومطرزة بالخيوط الذهبية، وعليها بعض الكتابات ولها باب جميل بارتفاع مترين، يقول: “الكعبة القائمة وسط المسجد الحرام مبنى مكعب يبلغ ارتفاعه حوالى أربعة وعشرين قدمًا ويبلغ طول كل ضلع من أضلاعها حوالى أربعة وعشرين خطوة والكعبة مشيدة من أحجار ضخام مصقولة”.

سعادة الناس بنزول المطر وتجمعهم تحت ميزاب الكعبة للاغتسال والشرب من الماء النازل من سطح الكعبة، أثار اهتمام “بتس”؛ فوصفه بالمشهد المذهل: “يسعدون سعادة فائقة إذا نزل ماء الميزاب عليهم ويحاولون الشرب منه، ويلجأ بعض الفقراء لجمعه وتقديمه للحجاج لقاء منحة مالية”.

ومن مشاهداته في الحرم المكي يصف المطاف “الأرض المحيطة بالكعبة المشرفة مرصوفة بالرخام، والمطاف أي المنطقة التي يمارس فيها الحجاج شعيرة الطواف ويبلغ عرضه حوالى خمسين قدمًا وحول المطاف توجد أعمدة نحاسية ارتفاع الواحد منها خمسة عشر قدمًا.. وثمة مصابيح معلقة، إلى جانب العديد من الصور الوصفية لمقام إبراهيم، وبئر زمزم، والمسعى بين الصفا والمروة.

رصد الرحالة في مكة وفرة المواد الغذائية على الرغم من أن الغطاء الأخضر فيها قليل جدًّا يقول: “في مكة ماء وافر، إلا أن العشب فيها نادر، وثمة أنواع من الفاكهة الطيبة كالأعناب والشمام والبطيخ والخيار والقرع، ويبدو أن هذه الفواكه والخضار تُجلب من الطائف ومزارع جبال الحجاز”.

فوق جبل “عرفات” وقف الرحالة مع جموع الحجاج وأجال نظره في الأرجاء واصفًا ما رآه: “الجبل ليس ضخمًا ضخامة تجعله يستوعب الأعداد الهائلة من الحجاج.. وثمة أحجار دالة تحيط به لتحديد حدود ما يسمى عرفات”؛ غير أن المشهد الإيماني في ذلك الموقف المشهود حمله على أن يقول: “لقد كان مشهدًا يخلب اللب حقًا أن ترى هذه الآلاف المؤلفة في لباس التواضع والتجرد من ملذات الدنيا، برؤوسهم الحاسرة، وقد بللت الدموع وجناتهم، وأن تسمع تضرعاتهم طالبين الغفران والصفح لبدء حياة جديدة “.

أما في مشعر “منى” فأبرز ما أثار اهتمام “بتس” هو رمي جمرات العقبة الثلاث التي وصفها بـ”رجم للشيطان وحزبه”، ثم ذبح الأضاحي أول أيام العيد، مندهشًا من الأعداد الكبيرة للأغنام التي كانت تباع في جنبات وادي “منى”.

كانت الاحتفالات والابتهاج بقرب إتمام الحج تعم المكان فيصورها بقوله: “يقضون هذه الأيام الثلاثة في فرح واحتفالات، ويصبح الليل نهارًا بسبب وفرة المصابيح المضاءة ـ في منى ـ ويطلقون البنادق، وتمتلئ السماء بالألعاب النارية”.

“رحلة الصبي جوزيف بتس لمصر والديار المقدسة” كما يصفها مترجم مذكرات “جوزيف بتس” الدكتور عبدالرحمن الشيخ، تميزت بدقة السرد وبرسم خريطة تقريبية للحرم المكي نشرها المترجم في كتابه “رحلة جوزيف بتس إلى مصر ومكة والمدينة المنورة”، لكنها حوت بعض الأخطاء في فهم المعتقدات والأوامر الشرعية؛ فلم يفهم بشكل صحيح مقاصد العبادات في الإسلام، كما يظهر في مذكراته التي دونها في بداية شبابه؛ حيث يتضح ضعف تحليله لبعضها وخلط في نظرته للمناسك؛ ربما لصغر سنه وقت ذهابه للحج، إضافة إلى أنه كان ينقل ما يشاهده دون تمحيص أو سؤال أو بحث مع العلماء والدعاة الموجودين في الحرم المكي خاصة.



[ad_2]

Source link

Leave a Reply