[ad_1]
انتشرت خلال الأسابيع الماضية دعوة على شبكات التواصل الاجتماعي لمقاطعة البضائع التركية، وذلك يشير إلى أن الخداع الذي انطلى على بعض الشعوب العربية خلال السنوات الماضية نفد رصيده، وصورة تركيا أردوغان سيئة للغاية على مستوى الشارع العربي والمجتمع المدني العربي قبل أن يكون على مستوى الحكومات العربية. صحيح أن الرئيس التركي استثمر في دمائنا وجند معظم التنظيمات الراديكالية للتطبيل له، وينفق مئات الملايين من الدولارات في وسائل إعلام موجهة للشعوب العربية، ويستثمر في فئة من قادة الإخوان المسلمين من أجل الترويج لصورته ولصورة تركيا، ولكن كما يقول المثل العربي (لا يصلح العطار ما أفسده الدهر)، وفي هذه الحالة لن تصلح كل تلك الأدوات التي يستخدمها الرئيس التركي وجه السياسة التركية القبيح، تلك السياسة التي وضعت الدماء العربية على طاولة المساومات الإقليمية والدولية، وكان آخرها إرسال المرتزقة السوريين إلى أذربيجان للدفاع عن سياسات أردوغان الحمقاء التي تعمد إلى تفجير الصراعات في المنطقة برمتها. هذا ما دفع مئات الآلاف من المواطنين العرب إلى الامتناع عن زيارة تركيا بعد أن كانت وجهة سياحية أساسية، كما امتنع عشرات الآلاف من العرب عن الاستثمار في القطاع العقاري. ولكن ذلك كله سوف يكون مزحة بالمقارنة مع ما يمكن أن يلحق بالاقتصاد التركي إذا ما تم تفعيل إجراءات أخرى على مستوى الشارع العربي، العالم العربي كان على امتداد العقدين الماضيين سوقا للمنتجات التركية، بل إن السوق العربية دفعت شركات عالمية إلى الاستثمار في السوق التركية لكي تكون ممرا للأسواق العربية. لعل المقولة السياسية القائلة (للحكومات إكراهاتها وللشعوب خياراتها) تنطبق بشدة على العلاقات العربية ـ التركية، فالعالم العربي يدرك أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحظة عابرة في التاريخ التركي، وأن العلاقات مع الشعب التركي أساسية وجوهرية باعتبار التاريخ والجغرافيا والدين، لذلك يمكن فهم وتفهم الحفاظ على (شعرة معاوية) في العلاقة مع نظام أردوغان. ومع ذلك فإن الرجل الذي أصيب بجنون العظمة وأصبحت نرجسيته تمثل الطابع للسياسة الخارجية التركية. أردوغان الذي يتقاسم الكعكة السورية مع روسيا وإيران وهو الذي يهاجم العراق، يحرض على المملكة العربية السعودية ويطلق تهديداته العنترية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، ويريد أن يطيح بالنظام السياسي المصري ويعيد جماعته (الإخوان المسلمين) إلى سدة الحكم ويسعى إلى محاصرة بلاد الكنانة بالتواجد في منابع النيل والصومال وحاول التواجد عسكريا في السودان، وسعى إلى تهديد مصر من البوابة الليبية، ويتدخل في الحرب اليمنية ويسعى للهيمنة على تونس عبر حركة النهضة، طبعا مع سلسلة من القضايا المتفجرة في الإقليم برمته. كل ذلك يستلزم المواجهة وهنا يأتي دور القيادات العربية التي لديها كل الحق بالدفاع عن مصالحها. ما بين الصمت عما يفعله أردوغان والدخول في مواجهة شاملة مع تركيا، هناك هامش واسع من الخيارات تمتلكها الشعوب العربية للضغط على الحكومة التركية للتغير من سياساتها، يبدو أن ما في جعبة الشعوب العربية الكثير الذي قد نراه خلال الفترة القادمة إذا استمرت سياسة الخليفة المزعوم مهددة للأمن والاستقرار في المنطقة برمتها.
باحث سياسي
ramialkhalife@
[ad_2]
Source link