كيفية تحصين البيت من الشيطان بيَّن الله -تعالى- لعباده عداوة الشيطان لهم، وأنَّها أتت منذ خلق الله -تعالى- لأبيهم آدم -عليهم السلام- فقال -تعالى-: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ﴾، كما بيَّن الله -تعالى- لعباده أنَّ الشيطان لن يتركهم على الصراط المستقيم، فقال -تعالى- حكاية على لسان إبليس بعد أن طُرد من الجنَّة، فقال -تعالى- عنه: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين* إلاَّ عِبَادكَ مِنْهُم المُخْلَصِين)
ومن رحمة الله -تعالى- بخلقه بيَّن لهم مجموعة من الطرق؛ التي تُحصِّنهم من شرِّ إبليس ووسوسته وردِّ كيده، وأيضاً تدفع عنهم أذاه، ومنها ما يأتي: قراءة سورة البقرة لقد أودع الله -تعالى- في سورة البقرة خصائصٌ جعلتها حِصناً منيعاً من الشيطان، ويظهر ذلك فيما يأتي: إنّ الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة؛ لقوله -صلى الله عيله وسلم-: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ)، بل إنَّ البيت الذي لا تُقرأ فيه سورة البقرة شُبِّه بالمقبرة
إنَّ آخر آيتين من سورة البقرة فيهما كفاية للمسلم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ)، فهي تكفي المسلم ثواباً، وتحفظه من كيد الشيطان ووسوسته، وتكفيه من شرِّ حبائله التي يوقع بها الإنسان
ما جاء في تأكيد النبي -صلى الله عليه وسلم- في قصة أبي هريرة مع الشيطان، حين قال الشيطان:(إذَا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، ولَا يَقْرَبُكَ شيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ، فقال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة صَدَقَك وهو كذوب)
ورتَّب لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- قراءة آية الكرسي عند النوم؛ لفضلها في تحصين المسلم من الشيطان ووسوسته حتى يُصبح. الإكثار من ذكر الله شرع لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- مجموعة من الأذكار التي تغطِّي الليل والنهار، والتي يتمِّ بها حفظ المسلم في سائر يومه من كيد الشيطان، ويمكن بيانها كما يأتي: التحصين من الشيطان عند دخول البيت قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يُذْكَرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ)
فهو ذكرٌ يَسير إلاّ أنَّه يحصن البيت وأهله في مبيتهم وطعامهم. التحصن من الشيطان عند الخروج من البيت: يقول -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قال يَعني إذا خرَج مِن بيتِه بسمِ اللهِ توكلْتُ على اللهِ لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ يُقالُ له كُفِيتَ ووُقِيتَ وتَنَحَّى عنه الشيطانُ)
أمر النبي صلى الله عليه وسلم عند الطعام- بذكر الله -تعالى- عليه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أكل أحدُكم، فنسيَ أن يذكرَ اسمَ اللهِ على طعامهِ؛ فلْيقلْ: بسمِ اللهِ أولَهُ وآخرَهُ)
وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاءٌ لحفظ الابن قبل أن يُولد؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَما إنَّ أحَدَكُمْ إذَا أتَى أهْلَهُ، وقالَ: بسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وجَنِّبِ الشَّيْطَانَ ما رَزَقْتَنَا، فَرُزِقَا ولَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ)
الأذان من المسائل التي يهرب منها الشيطان سماع الأذان، وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أذَّنَ المُؤَذِّنُ أدْبَرَ الشَّيْطانُ وله حُصاصٌ)، ومعنى حُصاص: أي ركض شديد أو ضراط، فمن ضعف الشيطان أنَّه يُذل بمجرد سماع ذكر الله -تعالى-. الاستعاذة من الشيطان تُعدُّ الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم من أهمِّ أذكار تحصين الإنسان من الشيطان وكيده، قال -تعالى-: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، وكان -صلى الله عليه وسلم-:(يتعوَّذُ من الشيطانِ من همزِهِ ونفثِهِ ونفخِهِ)، ومعنى الإستعاذة: هي اللُّجوء إلى الله -تعالى- والهروب إليه، والاستعانة به؛ ليحفظ العبد ويُحصِّنه من كيد الشيطان ووسوسته، فمن أراد تحصين نفسه عليه أن يُكثر من الإستعاذة بالله -تعالى- من الشيطان الرجيم وأن يكررها على لسانه
دعاء تحصين البيت يمضي المسلم معظم وقته في بيته، لذا عليه أن يجتهد في تحصينه من الشيطان ووسوسته، وأن يحافظ على الأذكار الصحيحة المذكورة، فإن كان لا يحفظها أو لم يستحضرها، فله أن يدعو لبيته بالذي هو خير مثل: حصَّنت بيتي من الشيطان وجنده. اللهمَّ إنّي أُعيذ بيتي وذريتي من الشيطان الرجيم. اللهمّ لا تجعل للشيطان على بيتي وذريتي سبيلاً. اللهمَّ ردَّ كيد الشيطان ووسوسته عن بيتي وأهلي